مسجد مزدلفة نحو الميل. ومن مسجد مزدلفة إلى مسجد عرفة أربعة أميال ، وهو مسجد كبير على يمين الطّريق وأنت ذاهب إلى الموقف ؛ مستطيل من الشّرق إلى الغرب. وفي غربيّه (١) القبلة ، ويعرف بمسجد إبراهيم عليهالسلام ، وهو في أوّل عرفة ، وقلّ من يعرفه من الحجّاج. لأنّ الموقف وراءه بميل. وهو على وادي عرفة والوادي هو بطن عرفة. ويقال : إنّ حائطه القبليّ على حدّه ولو سقط ما وقع إلّا فيه. وتوقّف مالك ـ رحمهالله ـ فيمن وقف به حتّى دفع ، كأنّه تشكّك هل هو كلّه [٩٨ / ب] في بطن عرفة؟ قال أصبغ : لا يجزئه. ورآه من بطن عرفة.
[عرفة]
قلت : ولعلّ هذا فيمن لم ينو الوقوف بعد خروجه من المسجد ، ويجري فيه الخلاف المذهبيّ في الحاج يمرّ بعرفة ليلة عرفة (٢) ولم ينو الوقوف ، وأمّا لو نوى الوقوف بعد خروجه من المسجد ، لوجب أن يصّح له ، إذ لا يتقدّر الوقوف بعرفة بمقدار ، ويجزىء فيه المرور بنيّة. وليس المسجد على حدّ الحرم. بل ذكر الأزرقيّ «أنّ من حدّ الحرم إلى مسجد عرفة ألف ذراع وست مئة ذراع وخمسة أذرع» (٣). وقد ظنّ قوم الوقوف ببطن عرفة وبطن محسّر لكونهما ليسا من عرفة ومزدلفة. (٤) وقال ذلك الّلخميّ وعياض وليس كما توهّموا ، ولو كان ذلك لم يحتج إلى استثنائها وقال اللّخميّ : يستحبّ النّزول بنمرة (٥) من عرفة ، وذكر نزول النّبي صلىاللهعليهوسلم بها ، ولم يعلم أنّ المسجد وراءها إلى
__________________
(١) في الأصل وط : عرفة. وأثبتّ ما جاء في ت.
(٢) ليست في ط.
(٣) أخبار مكة ٢ / ١٨٨.
(٤) ليست في ط
(٥) نمرة : ناحية بعرفة نزل بها النبي صلىاللهعليهوسلم.