واختلف في أصل تسمية عرفة (١) ، فقيل : لأنّ جبريل كان يري آدم المناسك فلمّا وصل به إلى عرفة ، قال له : أعرفت؟ قال : نعم. وقيل : وصف له جبلها فلما رآه عرفه. وقيل : لأنّ (٢) آدم عليهالسلام لما أهبط من الجنّة وقع بالهند ، ووقعت حوّاء بجدّة. فاجتمعا بالمزدلفة ، وتعارفا بعرفة ، وتسمّى عرفة وعرفات ، وكلاهما اسم علم ، والتّأنيث (٣) جمع سمّي به فبقي على حاله.
ويكون بعرفة سوق كبيرة يجلب إليها كلّ شيء ويكثر بها الطّعام ، يأتي به قوم من ناحية اليمن يقال لهم : «السّرو» جفاة ، بداة ، مفرطو البداوة ، عرب الألسنة (٤) ، أدم الألوان ، نحاف الأبدان ، أكثرهم يجلب على ظهره ، والعري فيهم فاش إلّا السّترة ، ولهم ألفاظ حوشيّة (٥) ، والدّينار في لغتهم أربعة دراهم ، وقد ذكر ابن جبير (٦) أشياء من جهلهم وعبثهم (٧) في صلاتهم وكانوا إذ ذاك يصلّون ، وأمّا الآن فإنّما يقصدون السّوق بعرفة ومنى (٨) ثم ينصرفون من هنالك إلى بلادهم.
وعدد الأميال من مكّة إلى عرفة اثنا (٩) عشر ميلا لا تزيد ولا تنقص ، قاله الأزرقيّ. (١٠) وكانت الوقفة في هذا العام يوم الأربعاء ، وقد سلّمها الله من الخلاف ، وهو يقع في ذلك كثيرا ، وكان الاختلاف قد وقع فيها في العام الذّي
__________________
(١) انظر الأقوال في تسمية عرفة في مشارق الأنوار ٢ : ١٠٧ ـ معجم البلدان ٤ / ١٠٤ ـ ١٠٥.
(٢) في ت وط : إن.
(٣) في ط : والثاني.
(٤) في ت : الألسن.
(٥) حوشي الكلام : غريبه.
(٦) رحلة ابن جبير ١١٠ ـ ١١٣.
(٧) الكلمة مطموسة في الأصل.
(٨) ليست في ط.
(٩) في الأصل وط : اثني وهو وهم والصواب ما أثبتناه.
(١٠) ـ أخبار مكة ٢ / ١٩٠.