في الرّكب نفر لها الكبير والصّغير إلى قتال أهل مكّة ، بأمر (١) صاحب الرّكب ، فأتاها أمير الرّكب الشّاميّ من الثّنيّة إلى باب المعلاة ، وأتاها أهل مصر من باب الشّبيكة ؛ فما زال القتال بينهم متطاير الشّرار حتّى قتل من أهل مكّة جملة ؛ (٢) وقتل أشخاص من الرّكب (٣) ودخل أهل الشّام مكّة ، حتّى انتهوا إلى المسجد الحرام ونهبوا (٤) بين الصّفا والمروة ، ثم دافعهم أهل مكة حتّى أخرجوهم منها ؛ وقتل بها أشخاص من الحجّاج ، ثم دام القتال بينهم خارج البلد إلى قريب من الظّهر ، فولّى أمير الرّكب عنهم ، وجاء فأمر بالرّحيل ، فأجفل (٥) النّاس (٦) ، وحطّم بعضهم بعضا ، ورحلوا على أوفى ما يكون من الانزعاج ، فلم يمكن إلّا الإجفال معهم خوفا على النّفوس ، وعلى بعض نفقة كانت معنا ، وانصرفت آيسا ممّا كان لي بمكّة ، ثم منّ الله بجبر (٧) أكثره فضلا منه ومنّة ، وذلك أنّ هذا الحال صادف بمكّة ممّن نزل بها من الحجّاج كثيرا نحو أربعة آلاف راحلة ، فلمّا أجفل الرّكب بقوا بمكّة لا يدرون ما يصنع بهم ؛ وعزم صاحب مكّة على أخذهم ؛ وسبّب لهم من عظيم ألطافه أن كان بمكّة شخص من أتراك مصر كان يخدم أميرا من أمرائها ؛ فلما مات الملك المنصور (٨) أخذه ولده المستخلف لاتّهامه إيّاه ، ثم قتله ، فخاف الّذي كان
__________________
(١) في ط : فأمر وهو تحريف.
(٢ ـ ٢) ـ في ت : قتل من الركب أشخاص.
(٣) النّهب : ضرب من الركض.
(٤) أجفل القوم : هربوا مسرعين.
(٥) ليست في ط.
(٦) في ت وط : بخير.
(٧) هو الملك المنصور قلاوون سلفت ترجمته في الصفحة ٣٥١.