[بداية الرحلة]
كان سفرنا ـ تقبّله الله تعالى ـ في : الخامس والعشرين من ذي القعدة ، عام ثمانية وثمانين وست مئة ، ومبدؤه من : حاحة (١) ـ صانها الله ـ وكان طريقنا على بلاد (٢) القبلة ، فزرنا (٣) ، بموضع أنسا من أعلى بلاد السّوس [٤ / ب] الأقصى (٤) ، قبر الشيخ الصّالح أبي حفص عمر بن هارون (٥) ، وهو من كبار الأولياء ، ومن عظماء الصّالحين ـ نفعنا الله بهم ـ ذكره صاحب كتاب «التشوّف» (٦) وبالغ في الثّناء عليه ، وذكره الشّيخ الفقيه (٧) الصّالح أبو سعيد الحاحيّ المترازيّ في كتابه «منار العلم» أنّه كان يدخل عليهم في الدرس فيقول لهم : «تهنّئكم عبادة القلوب والألسن والأيدي والأعين» يعني العلم. وهذا كلام من أيّد بالتوفيق ، وأمدّ بالتّحقيق. وحضر معنا زيارة قبره جماعة من الصّالحين ؛ ورأينا من حضور القلوب عنده ما قوّى الرّجاء في نيل بركته.
__________________
(١) حاحة : هي إقليم يحدّه من الغرب والشمال المحيط الأطلسي ، ومن الجنوب جبال الأطلس ، ومن الشرق نهر أسيف نوال ، ويشتمل على مدن كثيرة انظر وصف إفريقيا ١ / ٩٥.
(٢) في ت : بلد.
(٣) في ت : فمررنا.
(٤) بلاد السوس الأقصى : بلاد واسعة ، ومدن كثيرة بالمغرب الأقصى ، تقع وراء الأطلس إلى جهة الجنوب ، انظر وصف إفريقيا : ١ / ١١٣.
(٥) عمر بن هارون الماديدي ، عابد من أهل أنسا ، اعتزل الناس في الجبل ولم يتزوّج ، مات في أعوام التسعين وخمس مئة ، انظر التشوّف ٣٤٣.
(٦) هو يوسف بن يحيى بن عبيس بن عبد الرحمن التادلي عرف بابن الزيات ، وكتابه (التشوّف إلى رجال التصوّف) كتاب في تراجم المتصوّفة نشره أدولف فور بالرباط ١٩٥٨ ، وطبع طبعة ثانية بالرّباط بتحقيق الباحث أحمد التوفيق.
(٧) ليست في ت وط.