حسناتك ، وأمّا طوافك بالبيت بعد ذلك فإنّك تطوف ولا ذنب لك ، يأتي ملك حتّى يضع يده بين كتفيك ثم يقول : اعمل لما يستقبل فقد غفر لك ما مضى» (١). قال الشّيخ أبو المكارم : وهذا الحديث له أصل محفوظ من حديث ابن عمر وابن عبّاس ، وعبادة بن الصّامت (٢) والحمد لله.
ومن أعجب ما يروى في فضل الحج ، ما حكاه القاضي عياض وغيره : أنّ قوما من كتامة (٣) قتلوا رجلا ، وأضرموا عليه النّيران طول اللّيل ، فلم تؤثّر فيه ، وبقي أبيض البدن ، فأتى قوم إلى سعدون الخولانيّ (٤) بالمنستير (٥) فعرّفوه بذلك ، فقال : ولعلّه حجّ ثلاث حجج ، فقالوا : نعم ، فقال : حدّثت أنّ «من حجّ حجّة أدّى فرضه ، ومن حجّ حجّتين داين ربّه ، ومن حجّ ثلاث حجج حرّم الله شعره وبشره على النّار» (٦).
__________________
(١) الحديث في مصنف عبد الرزاق ٥ / ١٥ عن ابن عمر بخلاف يسير في اللفظ ، ومجمع الزوائد ٣ / ٢٧٤ والمطالب العالية لابن حجر ١ / ٣١٢ ـ ٣١٤.
(٢) في ط : أبو عبادة : وهو عبادة بن الصامت بن قيس الأنصاري الخزرجي : صحابي شهد سائر المشاهد ، مات بالرملة أو ببيت المقدس سنة ٣٤ ه. له ١٨١ حديثا. انظر الإصابة ٢ / ٢٦٠.
(٣) كتامة قبيلة من البربر.
(٤) سعدون الخولاني : اسمه أفكل بن أحمد بن مالك منسوب إلى خولان قبيلة من اليمن مشهورة وهو من أهل القيروان وعظماء علمائها كان يخدم أبا الري واصل بن عبد الله اللخمي المتعبد بقصر حمّة بالمهدية وكان من أهل النسك والفضل والإجابة. رياض النفوس ٣٣٩ ـ نسيم الرياض ٣ / ٥٣٧ ـ ٥٣٨.
(٥) المنسيّر : موضع بين المهدية وسوسة بإفريقية وهو محرس من محارس سوسة. الروض المعطار ٥٥١ وقال الوزان مدينة عتيقة بناها الرومان على ساحل البحر تبعد حوالي ١٢ ميلا عن سوسة.
انظر وصف إفريقيا ٢ / ٨٤.
(٦) القصّة في الشفا ٢ / ٦٨٦ ، وقال الخفاجي : هذا الحديث لا يعرف من رواه. نسيم الرياض ٣ / ٥٣٨.