فصل في حدود الحرم
اختلف في أصلها ، فقيل : أوّل من نصب أنصاب الحرم إبراهيم عليهالسلام ، وإنّ جبريل عليهالسلام دلّه على حدوده. وقيل : [١٠٧ / آ] إنّ آدم عليهالسلام لمّا أهبط (١) إلى الأرض ، خاف من إبليس فاستعاذ منه بالله ، فبعث الله إليه ملائكة يحرسونه ، وحفّوا (٢) حوالي مكّة من كلّ جانب ، فحرّم الله الحرم من حيث كانت الملائكة وقفت (٣). وعن وهب بن منبّه : أنه لما أهبط بكى واشتدّ جزعه. فعزّاه الله بياقوتة من يواقيت الجنّة حمراء ، وضعها له في موضع الكعبة ، ولها نور يلتهب ، وكان ينتهي إلى مواضع (٤) الحرم. فلمّا صار آدم إلى مكّة حرسه الله بالملائكة من سكّان الأرض. وسكّانها يومئذ من الجنّ والشّياطين ، فكانوا يقفون على موضع (٥) أنصاب الحرم. فلما توفي آدم رفعت الياقوتة. وهذا وما كان مثله ممّا لا يقطع بصحّته ، والصّحيح الّذي لا ريب فيه ، هو ما ثبت به الخبر عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن مكّة حرام ، حرّمها الله يوم خلق السّموات والأرض ، لم تحلّ لأحد قبلي ، ولا تحلّ لأحد بعدي ، وإنّما أحلّت
__________________
(١) في ط : هبط.
(٢) أي أحاطو وأحدقوا.
(٣) في ط : وقفا.
(٤) في ط : موضع الحرم.
(٥) في ت : مواضع.