«من طريق الطّائف عن طريق عرفة أحد عشر ميلا». (١) وهو الصّواب ، وقد تقدّم بيان ذلك ، والله الموفق.
وقد قضى الله بأنّي لم ألق بمكّة ـ شرّفها الله ـ من يؤخذ [١٠٧ / ب] عنه علم لشغلي في تلك الأيام بأمور الحجّ ، مع رجائي في الإقامة ، فلم أعط البحث حقّه. وصادفت الشّيخ محبّ الدّين الطّبريّ وهو باليمن لم يحجّ في هذه السّنة ، وذكر لي بها شخص يعرف بالفاروثيّ (٢) ، وفاروث قرية من قرى بغداد على ما حكي لي عنه ، وهو ممّن طالت صحبته للشّيخ الفاضل شهاب الدّين أبي حفص السّهرورديّ (٣) ـ رحمهالله ـ فحرصت على لقائه ولم يقض لي بذلك ، وسافر بعد انقضاء الموسم. وبالجملة فقد ضعف العلم بتلك (٤) البلاد لضعف العيش بها ، والنّاس مع الدّنيا وصاحبها ، والحكم لله مدبّر الأمور.
وبعد ما تقدّم ذكره سافرنا من خليص قافلين على طريقنا المتقدّم إلى بدر ، وكان قد خطر لصاحب الرّكب المصريّ أن ينفذ إلى مصر دون زيارة فشقّ (٥) على كثير من النّاس (٦) ، وعظم الأمر عليّ لأنّ كرائي كان من أهل مصر ؛ ثم يسّر الله من ألطافه أن كان من النّاس من قبّح عند صاحب الرّكب
__________________
(١) أخبار مكة ٢ / ١٣١.
(٢) هو أبو تغلب بن أحمد بن أبي تغلب الفاروثي الواسطي ، عالم ، محدّث. سمع من ابن الزبيدي وغيره توفي سنة ٦٩٦ ه وله إحدى وتسعون سنة. ترجمته في شذرات الذهب ٥ / ٤٣٧.
(٣) هو عمر بن محمد بن عبد الله بن محمد التيمي البكري : عالم ، فقيه ، صوفي ولد بسهرورد سنة ٥٣٩ ه ، وقدم بغداد وانتهت إليه تربية المريدين ، وأخذ عنه كثيرون له مصنفات منها : عوارف المعارف ، وله مشيخة في جزء لطيف توفي ببغداد سنة ٦٣٢ ه. وفيات الأعيان ٢ / ٤٤٦.
(٤) في ت : في تلك.
(٥) في ت : «فشق ذلك».
(٦) في ت : أكثر الناس.