فقد ، فلم يجده أبو بكر ووجده عمر في خلافته عند رجل بقباء (١) وقد دفنه حتّى أكلته الأرضة (٢) ، فأخذ له عمر عودا فشقّه وأدخله فيه ، ثمّ شعّبه وردّه بموضعه (٣). فلمّا زاد عمر بن عبد العزيز في القبلة جعله في المحراب ؛ والنّاس يتحيّلون للمسه تبرّكا به ، والحجّاج يحرصون عليه ، ويرمون ثيابهم إليه ، وتراهم يحمل بعضهم بعضا ليتّصلوا به ، ولا يعرفون ما هو كما جرت عادتهم في غيره.
[القبلة]
وأمّا قبلة مسجد النّبيّ صلىاللهعليهوسلم فقد تقدّم أنّها قبلة قطع لأنّه صلىاللهعليهوسلم أقامها ، وقيل : إنّ جبريل أقامها له ، ويروى أنّه كان يشير للنّبيّ صلىاللهعليهوسلم إلى سمتها وهو يقيمها ، ويروى أيضا أن جبريل عليهالسلام أشار إلى الجبال والشّجر فتنحّت حتّى بدت الكعبة ، فكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يبني وهو ينظر إليها عيانا. وبكلّ اعتبار فهي قبلة قطع ، والحجّة في قول رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، [١١٨ / آ] وفي فعله معا (٤) ، وهو المعصوم في كلّ ما يأتي ويذر صلىاللهعليهوسلم. وكانت قبلة مسجد رسول الله صلىاللهعليهوسلم أوّل ما ورد المدينة إلى بيت المقدس ، ثمّ حوّلت إلى الكعبة بعد ستة أو سبعة عشر شهرا. وهي مسامتة للجنوب حقيقة ، خلاف ما ذكر القاضي أبو الوليد الباجيّ من أنّها مائلة عن الجنوب إلى الشّرق كثيرا ، بل أقول : إنّها إلى الغرب أميل ، وقد تهمّمت بذلك واعتبرته (٥) بالمدينة على ساكنها
__________________
(١) قباء : موضع بينه وبين المدينة سبعة أميال ، وهي منزل رسول الله صلىاللهعليهوسلم قبل أن يسير إلى المدينة ونزل على كلثوم بن الهدم. انظر معجم ما استعجم : ١٠٤٥ ، المغانم المطابة ٣٢٣.
(٢) الأرضة : دودة بيضاء تأكل الخشب.
(٣) المناسك : ٤٠٣.
(٤) ليست في ت وط.
(٥) في ط : فاعتبرته.