لنا [٦ / آ] فسرنا معهم ، فلمّا وصلنا إلى موضع تحقّق (١) الخوف ـ وهم لا يعرفون سوى الجادّة المخوفة ـ خطر لنا أن نخاطر في ركوب متن الفلاة بلا دليل ؛ وذلك حين غروب الشّمس ، ولمّا حصحص (٢) الياس ، وتحقّق في الرّأي الالتباس ، وصل من اللّطيف معهود الألطاف ، وعاد من عطفه علينا انعطاف ، فوقف علينا خمسة أشخاص أثّر فيهم الدّؤوب ، وعلا على ألوانهم الشّحوب ، عانقوا البراري والقفار ، حتّى أخلصتهم خلوص العسجد بالنّار ، وتخوّفهم الخوف المطير للوسن : [البسيط]
كما تخوّف عود النّبعة السّفن
(٣) فسألونا (٤) عن الوجهة فأخبرناهم ، واستدعونا للمرافقة فأجبناهم. وسروا (٥) بنا في مجاهل يضلّ بها الدّليل ، ويذهل فيها الخليل عن الخليل ، وفيهم رجل «أدلّ من سليك المقانب» (٦) و «أمضى من المرهف القاضب» (٧)
__________________
(١) في ط : تحقيق.
(٢) الحصحصة : الحركة في شيء حتى يستقرّ فيه ويستمكن منه ويثبت.
(٣) هو عجز بيت ، وصدره :
«تخوّف السّير منها تامكا قردا»
وهو في ديوان ابن مقبل ٤٠٥ ، وفي السمط : ٢ / ٧٣٨ نسبه لقعنب بن أمّ صاحب ، وغير منسوب في الأمالي : ٢ / ١١٢ ، والمخصّص ١٣ / ٢٧٧ ، وأمالي الزجاجي ٣٧ ، وفي الصّحاح ، واللسان (خوف ـ سفن) لابن مقبل ، وفي الأساس (خوف) لزهير ، وفي التاج (خوف) لذي الرّمّة.
والسّفن : المبرد ، والتامك : السنام المرتفع ، والقرد : الكثير الوبر.
(٤) في ط : فسألوا.
(٥) في ط : وصاروا.
(٦) لم أجده بهذا اللفظ في كتب الأمثال ، والسّليك : هو ابن السلكة ، الشاعر الصعلوك ، وهو الذي يضرب به المثل فيقال : أعدى من السليك ، وأمضى من سليك المقانب. وانظر : الميداني ٢ / ٤٧ و ٢ / ٣٢٣ والدرّة ١ / ٣٠٥ وجمهرة الأمثال ٢ / ٦٨ والمستقصى ١ / ٢٣٨ ، وثمار القلوب ١٠٥ ، وفي ديوان مجنون ليلى : ٧٦ :
لخطّاب ليلى يا لبرثن منكم |
|
أدلّ وأمضى من سليك المقانب |
(٧) لم أجده بهذا اللفظ في كتب الأمثال ، ويقال : أمضى من السيف ، انظر الميداني ٢ / ٣٢٦.