لا ستور عليه ، وبمقربة من هذه التّربة مسجد اليقين (١) ، وقد مرّ ذكره وحديثه في ذكر مغارة حبرون ، وهو أيضا على تلّ مرتفع نزه ، له زيادة رونق وفرط إشراق ، وليس هنالك إلّا دار واحدة لا صقة بالمسجد من ناحية الشّرق ، يسكنها القيّم ، وفي المسجد قريبا من الباب موضع منخفض في حجر صلد قد هيّىء له صورة محراب ليعلم أنّه مركع (٢) ، ولا يسع إلّا مصليّا واحدا ، ويقال : إنّه لما أيقن إبراهيم عليهالسلام بهلاك قوم لوط خرّ لله تعالى ساجدا ، فتحرّك موضع سجوده حتّى ساخ في الأرض قليلا ، وهو حجر صلد كما تقدّم ، فجعل مركعا تبرّكا به. وبالقرب من المسجد مغارة فيها قبر يزار ، ويتبرّك به ، وهو قبر فاطمة بنت الحسين بن علي رضياللهعنهم [١٢٢ / آ] وقد وجدت عند القبر لوحين من رخام موضوعين ، وأظنّهما كانا مثبتين عند رأس القبر ورجليه ، وفي أحد اللّوحين منقوشا عليه بخط مشرقيّ مليح :
«بسم الله الرّحمن الرّحيم ، لله العزّة والبقاء ، وله ما ذرأ وبرأ ، وعلى خلقه كتب الفناء ، وفي رسول الله أسوة [حسنة](٣). وعزاء ، هذا قبر أم سلمة فاطمة بنت الحسين» (٤) ، وفي اللّوح الآخر :
__________________
(١) جاء في الأنس الجليل ١ / ٧٢ ما نصّه «... وعلى فرسخ من حبرون جبل صغير مشرف على بحيرة زعرو موضع قرى لوط ، ثمّ مسجد بناه أبو بكر محمد بن إسماعيل الصياحي وفيه مرقد إبراهيم عليهالسلام قد غاص في الصخر نحوا من ذراع ، يقال : إن إبراهيم لما رأى قرى لوط وهي طائرة في الهواء وقف وقيل رقد ـ ثم قال : أشهد أنّ لا إله إلا الله وأن هذا هو الحق اليقين ، ولذلك سميّ ذلك المسجد مسجد اليقين ، وكان بناء ذلك المسجد في شعبان سنة ٣٥٢ ه.
(٢) في ت : كان مركعا.
(٣) زيادة من ت.
(٤) هي فاطمة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب : تابعية من روايات الحديث ، توفيت سنة ١١٠ ه ترجمتها في أعلام النساء ٤ / ٤٤ ومصادرها ثمّة.