قبر يونس عليهالسلام ، وهو على نحو ثلاثة أميال من بلد الخليل عليهالسلام ، وعليه بنيّة كبيرة ومسجد. ومررنا في طريقنا ببيت لحم ولم (١) يقض لنا دخوله ، وهو قريب من بيت المقدس ، وقد تقدّم أنّه مولد عيسى عليهالسلام ، والنّصارى يعظمونه ، ويقومون به غاية القيام ، ويضيفون من نزل به. (٢)
[ذكر بيت المقدس]
ثمّ وصلنا إلى بيت المقدس ـ زاده الله تعظيما ـ وألحفه مبرّة دائمة وتكريما ؛ مسجد الأنبياء وقبلتنا قديما ؛ ومطلع الأولياء يطلعهم عظيما فعظيما. أحد المساجد الّتي إليها تعمل المطيّ ، وتضاعف الحسنات لكلّ برّ تقيّ ؛ مصعد نبيّنا عليهالسلام ، إلى مستوى يسمع فيه صرير الأقلام ، ومعراجه حين عسعس الظّلام ، الى مناجاة الملك العلّام ؛ والقدس المقدّس المنقّي (٣) من الآثام ، نجعة (٤) من راد ، وريّ من حام (٥) ، [١٢٢ / ب] خفق برقه فوفّق من شام ، وتدفّق ودقه (٦) فأفرق ذو الهيام ؛ لو نطق محتجّا لفضيلة الشّام ، لأفحم به العراق أيّ إفحام.
والبلد مدينة كبيرة ، منيعة ، محكمة ، كلّها من صخر منحوت ، على نشز غليظ مقطوع بجهات الأودية ، وسورها مهدوم ، هدمه الملك الظّاهر خوفا من استيلاء الرّوم عليها ، وامتناعهم بها ، والخراب فيها فاش ، وليس بها نهر ولا
__________________
(١) في ط : فلم.
(٢) انظر ما كتب عن بيت لحم في الأنس الجليل ٢ / ٦٥.
(٣) في ت وط : المنفي.
(٤) النجعة : طلب الكلأ في موضعه.
(٥) حومان الطائر : دورانه حول الماء من العطش
(٦) الودق : المطر.