[لقاؤه لابن جماعة]
ولم أر في هذا البلد ، مع شرفه واشتهاره من هو أهل لأخذ العلم عنه ، ولا معنيّا به ، إلّا شيخا هو قاضي البلد ، يلقّب بدر الدّين وهو محمّد بن إبراهيم بن سعد بن جماعة (١) ، له مجلس علم يدّرس فيه أوّل النّهار في المسجد ، عند المحراب ، ومجلس سماع يروي فيه بعد صلاة (٢) الجمعة في قبّة الصّخرة ، وقد حضرت كلا المجليسن فلم أحل (٣) منهما بطائل ، وكلّمته في أشياء تخبّط فيها وتعسّف ، فلم أجد من نفسي إذعانا للأخذ عنه على قلّة همّته في الرّواية ، إذ وجدته يروي عن نظائره من أهل مصر ، ومن لا يزيد عليه في السّنّ إلا يسيرا ، إلى أخلاق وصف لي بها تريب الأريب ، وتنفر النّسيب والغريب.
وله تواليف منها «اختصار كتاب أبي عمرو بن الصّلاح في علوم الحديث» (٤) ، ومنها كتاب حذا فيه حذو السّهيليّ في كتابه «الإعلام بما أبهم [١٢٤ / آ] في القرآن من الأسماء الأعلام (٥)» أغار فيه على الكتاب المذكور إغارة وسمّاه «غرر البيان في مبهمات القرآن» (٦) ومنها كتاب «المسالك في علم المناسك» لم يأت فيه ببديع ، ولا شقّ الظّلماء من بيانه صديع (٧).
__________________
(١) ولد بحماة سنة ٦٣٩ ه ، وتوفي بالقاهرة سنة ٧٣٣ ه ، ودفن بالقرب من الشافعي. له ترجمة في نكت الهميان ٢٣٥ ، فوات الوفيات ٣ / ٢٩٧ ، الأنس الجليل ٢ / ١٣٦.
(٢) في ط : صلاة العصر يوم الجمعة.
(٣) في ط : أخرج.
(٤) هو كتاب معرفة أنواع الحديث المعروف بمقدمة ابن الصلاح وهو الإمام عثمان بن عبد الرحمن الشهرزوري المتوفى بدمشق سنة ٦٤٣ ه انظر شذرات الذهب ٥ / ١٢١.
(٥) طبع غير مرّة.
(٦) ذكره البغدادي في الايضاح ١٤٥.
(٧) في ط : صنيع ، وصدع الشيء : شقّه.