[ذكر عسقلان]
وكانت إقامتنا بالقدس (١) خمسة أيّام ، ثم زرنا ثغر عسقلان (٢) ـ جبره الله ـ وهو خراب يباب (٣) لا أنيس به ، إلّا أطلالا ماثلة ، (٤) ورسوما داثرة (٥) ، وآثارا طامسة ، تؤثر في القلب تباريح الأسى ، وتعيد المشرق من أنسه حندسا (٦) ، تحثّ المبصر على إعمال العبرة ، وإسبال الجفون بوابل العبرة ، تذكر بمن مضى وانقضى ، وتضرم في الجوانح جمر الغضى (٧) ، وتهون على العاقل شأن هذه الدّار ، وتنادي : الحذر الحذر ، والبدار والبدار (٨) ؛ لما دلّت عليه من ضخامة شأن (٩) الرّاحلين منها ، وفخامة الظّاعنين المنزعجين (١٠) عنها ؛ لم تحمهم تلك القصور العالية ، ولا وقتهم تلك المباني السّامية ، بل صاروا ترابا وهي خرابا ، وعادوا أمواتا وهي مواتا (١١) ، تندبهم تلك الطّلول الدّراسة ، وتندر (١٢) ما حلّ بهم تلك الطّلول الطّامسة ، فتلك الآثار أسطار في ديوان البلى مقروّة ، وتلك الصّور سور في نوائب (١٣) الدّنى متلوّة. عجبا لها لما استعجمت أبانت ،
__________________
(١) في ط : المقدس.
(٢) عسقلان مدينة بالشام من أعمال فلسطين على ساحل البحر بين غزة وبيت جبرين ، ويقال لها عروس الشام. انظر ياقوت ٤ / ١٢٢ وانظر ما كتب عنها في الأنس الجليل ٢ / ٣٣.
(٣) اليياب : الخراب : وأرض يباب : ليس بها ساكن.
(٤ ـ ٤) ـ سقط في ت وط.
(٥) في ت جدسا. والحندس : الظلمة.
(٦) الغضى : شجر عظيم خشبه صلب ، وجمره يبقى زمنا طويلا لا ينطفئ بسرعة.
(٧) البدار الثانيه ساقطة من ط.
(٨) ليست في ط.
(٩) ليست في ط.
(١٠) ـ قوله : «وهي مواتا» ، ساقط من ط.
(١١) ـ في ت : وتنذر. وتنذر : تخرج.
(١٢) ـ في بقية النسخ : ذوائب.