ولمّا أشكلت بانت ؛ وعظت وما لفظت ، ونصحت وما أفصحت ، حرّكت السّاكن بسكونها ، وأظهرت الكامن بكمونها. إن آثر الزّمان المحو في مرسومها ، فالمحو أوضح كلّ المعنى من مفهومها : [الطويل]
تأمّل كتاب الكائنات تأمّلا |
|
به أبدا تلهى عن اللهو واللّغو |
وزد كلّ ممحوّ السّطور تدبّرا |
|
فقانون علم النّحو في ذلك المحو (١) |
وقلّما رأيت من البلدان ما جمع (٢) من المحاسن ما جمعت عسقلان ـ جبرها الله ـ صنعا وإتقانا ووضعا ومكانا ، وبرّا وبحرا ، وعامرا وقفرا ، لها على البرّ والبحر طرف ممتدّ ، وحكم ماض لا يرتدّ ، ترنو إليها من شرف (٣) ، وتتلو [١٢٤ / ب] عليهما (٤) سور الشّرف (٥) ، وتزهو بتقلّبها في التّرف ، في روضة جمّة الأزهار والطّرف.
وأمّا مبانيها فلو فاخرتها إرم لقيل لها : نفخت في غير ضرم (٦) ؛ أو حاسنتها بابل (٧) لصاب عليها من مطر (٨) التّعنيف وابل ، وأسرع إليها ملام كالمعابل : (٩)
[السريع]
.................................... |
|
لفتك لأمين على نابل (١٠) |
__________________
(١) في ت : وزر كل ممحو.
(٢) «ما» ساقطة في ت وفي ط : أن جمعت.
(٣) في ط : طرف.
(٤ ـ ٤) ـ سقط من ت.
(٥) هو في معنى المثل : نفخت في غير فحم ، والضرم : الحطب.
(٦) بابل : ناحية بالعراق منها الكوفة والحلّة ينسب إليها السحر والخمر.
(٧) في ت : طرف.
(٨) المعابل : جمع معبلة : وهي نصل عريض طويل.
(٩) في ت : لاقتك وهو تصحيف. وهو عجز بيت لامرئ القيس في ديوانه ١٢٠ وصدره :
«نطعنهم سلكى ومخلوجة»
ولفتك : أي ردّك وعطفك ، واللأمان : سهمان ، والنابل : صاحب النبل