ماء شريب (١) في رملة بيضاء ، وهو حدّ برقة عند المغاربة ، لأنّ برقة عندهم اسم الأرض ويطلقونها على ماردت الإسكندريّة إلى هذا الموضع. وقد تقدّم أنّ برقة اسم مدينة ، وقد رأيت عرب تلك الأرض لا يطلقون اسم برقة إلّا على الغابة وما حاذاها ، وذلك من القمانس إلى الحصوي ، ومنه إلى العقبة الكبيرة البطنان (٢) ومنها إلى الإسكندريّة لا يذكرون إلّا العقبتين.
[برّيّة سنانة ومنهوشة]
ثمّ وصلنا إلى برّيّة سنانة ومنهوشة ، ثم إلى مدينة سرت ثم إلى (٣) الشّبيكة آخر قصورها وأعمرها ، مارّين على الطّريق الأولى إلى مصراته ، وهي مواضع وقرى عامرة آخرها من جهة الغرب سويقة ابن مطكود (٤) ، ومنها إلى بني حسن وهي قربة مجموعة عامرة ، وبينها وبين مصراتة مواضع على السّاحل عامرة ، وقصور قديمة. وهنالك مدينة لبدة (٥). فيها آثار قديمة وبنيان عجيب ، وفيها من أساطين الرّخام وألواحه ما يقصر عنه الوصف ، وفيها صورة امرأة من رخام بإزاء الطّريق ، ولا شكّ أنّ البلد كانت دار مملكة ، وهي الآن متهدّمّة دارسة ليس بها إلّا عمارة قليلة. وفي جنوبي بني حسن مسلاتة ، وهم قوم يبرّون أهل الدّين ويكرمون الحجّاج وهم على خير وصلاح.
__________________
(١) الماء الشروب والشّريب : الذي بين العذب والملح. وقيل : الشّريب : العذب.
(٢) في ط : ثم إلى البطنان.
(٣) في ط : على.
(٤) في ط : مطكوك وسويقة ابن مطكود : بليدة في أوائل إفريقية وآخر برقة ، وهي بينهما ، وقد ورد اسمها في «ياقوت» ابن مكتود ، وفي الروض المعطار : ابن مثكود.
(٥) لبدة : مدينة بين برقة وإفريقية ، وقيل بين طرابلس وجبل نفوسة ، وهو حصن من بنيان الأوائل بالحجر والأجرّ ، وحوله آثار عجيبة. انظر ياقوت : ٥ / ١٠.