من الرّباطات المشهورة المذكورة ، وتحكى له مآثر وفضائل كثيرة ، وبها من قبور الصّالحين ما لا يعدّ كثرة. والمنستير بضمّ الميم ، هكذا سمعت أهل إفريقية يتلفّظون به.
[قصر الجمّ]
وعلى الطّريق الّتي سلكناها قصر الجمّ ، وهو قصر الكاهنة ، وما وقع بصري في كلّ ما رأيت على [١٢٧ / ب] بنيّة أعجب ولا أغرب (١) منه ، وهو ممّا لا يمكن تصوّره ، بالوصف ، ولا غنى في تصوّره عن المشاهدة لغرابته ، ومختصر وصفه أنّه قصر مستدير متّسع عال جدا من صخور منحوتة كبار ، محكمة الوضع والرّصف ، حتّى كأنّه حجر واحد ، وقد فتحت في أعلاه أبواب مرصوفة (٢) محيطة به ، وعلى تلك الأبواب أبواب أخر مثلها ، دائرة بالقصر أيضا ، ويظهر ما فوق الأبواب من بعد كأنه قصر واقف في الهواء. وأظنّ تلك الأبواب لمكان اختراق الرّيح احتياطا على القصر من عاديتها لإفراط علّوه ، ويمكن أن تكون لغير ذلك وبناء داخل القصر أعجب ، فإنّه لو جعل دورا واحدا لم يكن فيه كبير منتفع ، وإن اتّسع في السّاحة على وضع واحد ضاقت وحجبت عنها (٣) الشّمس ؛ فجعل البناء فيه مدرّجا كلّما طلع نقص منه دور ، حتّى ارتفع البناء إلى حدّ لا يحجب فيه بعضه (٤) الشّمس عن البعض ، حتّى يضربها دوام الظّلّ عليها ، وصارت السّقوف المدرّجة من جملة السّاحة يرتفق بها إذ لم يبق من السّاحة غير مبنيّ إلّا دائرة ضيّقة.
__________________
(١) في ت : أغرب ولا أعجب.
(٢) في ت وط : مصفوفة.
(٣) في ت : عنه.
(٤) في ت : فيه بعض.