يسمع سلامي (١). وكان يقدّمني للصّلاة أحيانا ، وما انفصلت عنه قطّ إلّا داعيا لي بكلّ خير. ولمّا ودّعته بكى وقال لي : إن أمكنك أن تكتب إليّ بوصولك إلى أهلك سالما فافعل لأسرّ بذلك ؛ فشكرته ، وسلّمت عليه وانصرفت ، وما زلت طول سفري وإلى الآن أتعرّف بركة دعائه والحمد لله على تسخير أوليائه حمدا لا يقف عن (٢) مدى إغيائه.
وممّا قرأت عليه حفظه الله كثيرا من «كتاب البخاريّ» وناولني سائره في أصلي ، وحدّثني به عن الشّيخ [١٣٠ / ب] الإمام المحدّث الرّاوية أبي زكريا يحيى بن محمّد المهدويّ ، ويعرف بالبرقيّ ، سماعا عليه لجميعه (٣) عن أبي محمّد بن حوط الله بأسانيده. وقرأت عليه بعض كتاب «المعلم» (٤) للإمام أبي عبد الله المازريّ في أصله ، وناولني جميعه عن أبي زكرياء البرقيّ المذكور قراءة عليه ، وسماعا عن الشّيخ الفقيه أبي يحيى بن أبي بكر بن عبد الرّحمن الغسّانيّ المازريّ ، ويعرف بابن الحدّاد ، قراءة ثم سماعا عن مؤلّفه المذكور سماعا ، وقلّما يوجد الآن أعلى منه فيه سندا. وعن البرقيّ المذكور رواه أبو عبد الله القضاعيّ (٥) بحضرة تونس ـ حرسها الله ـ.
__________________
(١) في ت : كلامي.
(٢) في ت : على.
(٣) في ت وط : بجميعه.
(٤) ليست في ط.
(٥) هو محمد بن عبد الله بن أبي بكر القضاعي المعروف بابن الأبار ، مؤرخ كبير ، أديب ناقد ، كان من أعلم الناس بتاريخ المسلمين السياسي والعلمي والأدبي ، في سنة ٦٣٤ ه سفر عن صاحب بلنسية إلى أبي زكرياء الحفصي صاحب إفريقية وهي السفارة التي أنشد فيها قصيدته المشهورة :
أدرك بخيلك ، خيل الله أندلسا |
|
إن السبيل إلى منجاتها درسا |
قتل سنة ٦٥٨ ه في تونس وأحرقت مؤلفاته. من كتبه التكملة لكتاب الصلة ، والحلّة السيراء وإعتاب الكتاب ، وتحفه القادم. له ترجمة في عنوان الدراية ٢٥٧ ـ نفح الطيب ٢ / ٥٨٩ و ٣ / ٣٠٣ فوات الوفيات ٣ / ٤٠٤ ـ الوافي بالوافي ٣ / ٣٥٣ أزهار الرياض ـ ٣ / ٢٠٤.