فسمعته يقول : «كلا للمذكّرين ، وكلتا للمذكّرتين»! وأعربوا قول ابن دريد (١) : [الرّجز]
هم الذّين جرّعوا من ما حلوا [٧ / آ]
بأنّ : هم : مبتدأ ، والّذين : مبتدأ ثان ، وجرّعوا : خبره ، والجملة في موضع خبر الأوّل! وهذا قليل من كثير ، وصبابة (٢) من غدير!.
وأمّا الفقه عندهم فطويل الاغتراب ، يؤوب «إذا ما القارظ العنزيّ آب» (٣) ، وقد تحاكم إلى قاضيها ـ إذ كنت بها ـ متبايعان في ذهب رديء ، فحكم بما قيل في ذلك من يمين المبتاع على علمه ، فحلف وبرّئ ، ثمّ أتى البائع بعد أيام بمن شهد له أنّ صاحبه إنّما دفع له سكّة فاس ـ وكان الّذي تداعيا فيه من سكّة فاس ـ فأحضر المبتاع ووبّخه بأنّه حلف إثما وأنّه قد ظهر كذبه ، وحكم عليه بإبدال (٤) الذّهب. وإلى هذا انتهى بالعلم وأهله الحال ، وحسبنا الله وعليه الاتّكال!.
__________________
(١) ابن دريد محمد بن الحسن بن دريد الأزدي ، من أئمة اللغة والأدب ، توفي ببغداد سنة ٣٢١ ه ، من مؤلّفاته : الاشتقاق ، والمقصور والممدود ، والجمهرة. انظر : المرزباني ٤٢٥ ، بغية الوعاة ١ / ١٣.
وقوله صدر بيت من مقصورته ، عجزه : «أفاوق الضيم ممرّات الحسا» والمماحلة : العداوة ، انظر شرح المقصورة للتّبريزي : ٥٩.
(٢) الصّبابة : ما بقي في الإناء من ماء ونحوه.
(٣) المثل في الميداني : ١ / ٧٥ ، وفصل المقال : ٤٧٣ ، والمستقصى ١ / ١٢٧ ، وأمثال أبي عبيد ٣٤٤ ، وجمهرة الأمثال ١ / ١٢٣ ، واللسان (قرظ) ، ويضرب في امتداد الغيبة. قال بشر بن أبي خازم لابنته عند موته:
فرجّي الخير وانتظري إيابي |
|
إذا ما القارظ العنزيّ ابا |
(٤) في ط : بدال.