[لقاؤه لابن خميس]
وما رأيت بمدينة تلمسان من ينتمي إلى العلم ، ولا من يتعلّق منه بسبب ، سوى صاحبنا أبي عبد الله محمّد بن عمر بن محمّد بن خميس (١) ، وهو فتيّ السنّ مولده عام خمسين ، وله عناية بالعلم مع قلّة الرّاغب فيه والمعين عليه ، وحظ وافر من الأدب ، وطبع فاضل في قرض الشّعر. وكنت ألفيت الشّيخ الفقيه أبا إسحاق إبراهيم بن يخلف التّنسيّ (٢) ، وأخاه أبا الحسن مسافرين إلى المشرق وهما من سكّان تلمسان ، وليسا منها ، فقيهان مشاركان في العلم مع مروءة تامّة ودين متين ، وأبو إسحاق أسنّهما وأسناهما ، وهو ذو صلاح وخير. وكان شيخنا زين الدين أبو الحسن بن المنيّر ـ حفظه الله ـ يثني عليه كثيرا ، وسألني عن الغرب ، فذكرت له قلّة رغبة أهله في العلم ، فقال لي : «أما بلاد يكون فيها مثل أبي إسحاق التّنسيّ فما خلت من العلم». وقد أدركتهما بمصر ، وكان أبو الحسن لم يحجّ فحجّ معنا ، فلقيت منه خيّرا فاضلا. وقد لازم شيخنا أبا الفتح بمصر مدّة وأخذ
__________________
(١) توفي ابن خميس قتيلا في غرناطة سنة ٧٠٨ ه ، وله ديوان شعر سمي «المنتخب النفيس في شعر ابن خميس». ترجمته في الإحاطة : ٢ / ٥٢٨ ـ ٥٦٢ ، وأزهار الرياض ٢ / ٣٠١ ـ ٣٤٠ ، والدرر الكامنة ٤ / ١١٣ ، وتعريف الخلف : ٢ / ٣٧٥ ـ ٣٨٠.
(٢) إبراهيم بن يخلف التنسي : فقيه ، عالم ، إليه انتهت الرئاسة بالمغرب ، أخذ عن الناصر المشدالي والإمام القرافي وغيرهما من علماء المشرق والمغرب ، له شرح على التلقين للقاضي عبد الوهاب ، ذكر صاحب معجم أعلام الجزائر أنّ وفاته كانت سنة (٦٧٠ ه) ولا يصحّ هذا لأنّ صاحب الرّحلة قابلة في الطريق إلى الحجّ سنة (٦٨٨ ه) فوفاته بعد هذا التاريخ.
وأخوه أبو الحسين من العلماء الفضلاء لم أقف على وفاته. ترجمته في نيل الابتهاج : ٣٥ ، والبستان : ٦٦ ـ ٦٨ وتعريف الخلف : ٢ / ١٨ ، ومعجم أعلام الجزائر ٨٥.