عنه كثيرا ، ولمّا حجّ رجع مع أخيه إلى تلمسان ، وكنت حين وردتها قد أقمت بها مدّة منتظرا للرّكب ، فكنت آنس بابن خميس وأكثر مجالسته ومفاوضته ، وأعجبني ذهنه وحاله ؛ فإنّي وجدته [٨ / آ] على حال انزواء وتقلّل من الدّنيا ، وفي أوّل ما اجتمعت به رأى في يدي كتابا فسألني عنه ، فقلت : هو (١) كتاب «الشّمائل» (٢) فاستظرف فعلي في إمساكه ، وقال لي : أخبرني الفقيه أبو عبد الله بن حمدون ، قال لي : أخبرني الفقيه أبو زيد بن القاضي بتونس أنّ أبا أبا محمّد بن حوط الله (٣) ورد على أبيه فأنزله بداره ، وكان يبيت في سريره ومعه خريطة لا يفارقها ، وكانت تفوح منها رائحة المسك ، قال : وكنت أهاب أن أسأله عمّا فيها ، فرقد ذات يوم فسقطت عن السّرير ووقع منها كتاب «شمائل النّبيّ»صلىاللهعليهوسلم.
وقد أنشدني ابن خميس كثيرا من شعره ، فمن ذلك قوله من قصيدة (٤) : [الكامل]
ومن العجيبة أن أقيم ببلدة |
|
يوما وأسلم من أذى جهّالها (٥) |
__________________
(١) ليست في ط.
(٢) هو كتاب الشمائل النبوية والخصائل المصطفوية للترمذي المتوفى سنة ٢٧٩ ه ، وعليه شروح كثيرة.
(٣) هو عبد الله بن سليمان بن داود بن حوط الله الأنصاري : محدّث ، حافظ ، مقرئ ، خطيب ، شاعر ، نحوي. أدّب أولاد المنصور الموحّدي بمراكش ، وولي قضاء إشبيلية وقرطبة وغرناطة له كتاب في تسمية شيوخ البخاري ومسلم وأبي داود والترمذي والنسائي لم يتمة. توفي سنة : ٦١٢ ه. ترجمته في برنامج شيوخ الرّعيني ٥٥ ـ ٥٦ ، وشذرات الذهب ٥ / ٥٠ ، وشجرة النور ١ / ١٧٣.
(٤) الأبيات في الإحاطة ٢ / ٥٥٦ ، وأزهار الرياض ٢ / ٣٢١.
(٥) في الإحاطة والأزهار : ومن العجائب.