طاعته وصفيّنا أبو العبّاس أحمد بن محمّد بن ميمون الأشعريّ المالقيّ ، (١) يعرف بابن السّكّان. لقيته (٢) مجريا إلى غاية من كمل ، ومبرّزا في حلبة العلم والعمل ، عذبت أخلاقه وفاضت زلالا ، واستقامت أحواله كالبان اعتدالا ، وفاضت أنامله كالمزن انهمالا (٣) ، أدرك مزايا الشّيوخ على فتاء سنّه ، فما يتكلّم (٤) في علم إلّا قلت : هذا معظم فنّه ؛ قد ألف الانقباض فما يبسط [إلايده](٥) ، وصحب قصر الأمل فما يؤمّل غده : [الطويل]
مقلّ من الأموال إذ لا يضمّها |
|
ولكنّه من كلّ مأثوره مثر |
سريّ ، غنيّ النّفس ، ما تستفّزه |
|
زخارف دنياه بقلّ ولا كثر (٦) |
[١٤٣ / آ] وله اعتناء بتصحيح الرّواية ، وإغياء في تنقيح الدّراية ؛ سمع من الشّيوخ واستجازهم واستجيزوا له ، فاتّسعت لذلك روايته ؛ وله مجموعات (٧) تشوق ، ومؤلّفات تعجب وتروق ؛ منها كتاب في «إكمال التّذييل» (٨) لأبي بكر بن فتحون (٩) على كتاب «الاستيعاب» (١٠) للحافظ أبي
__________________
(١) لم أقف على وفاته ، ولقيه ابن رشيد في رحلته بتونس ، وأخذ عنه. انظر ملء العيبة ٢ / ٤٠٩ ـ ٤١٣.
(٢) في ت : رأيته.
(٣) في ط : همالا : وهو تحريف.
(٤) في ت : تكلّم.
(٥) ليست في الأصل.
(٦) في ت : زخاريف.
(٧) في ط : مجموعة.
(٨) قال حاجي خليفة : استدرك فيه حوالي ٣٥٠٠ ترجمته انظر كشف الظنون ٨١.
(٩) في ت : فتوح ؛ وهو محمّد بن خلف بن سليمان بن فتحون الأندلسي : فاضل ، نقّاد ، عارف بالتاريخ ، من أهل أوريولة من أعمال مرسية. له في الاستدراك على كتاب الاستيعاب لابن عبد البر كتاب سماه التذييل وكتاب في أوهام كتاب الصحابة. توفي بمرسية سنة ٥٢٠ ه له ترجمة في الصّلة ص ٥٧٧ ، والوافي بالوفيات ٣ / ٤٥.
(١٠) ـ هو كتاب الاستيعاب في أسماء الأصحاب. رتب فيه الأصحاب على ترتيب الحروف لأهل المغرب. طبع غير مرّة.