عمر عبد البرّ قد اعتنى به اعتناء تامّا ، وهو إلى الآن لم يكمل ، ومنها كتاب وسمه ب «الاطّلاع على ما يلزم في رفع الأيدي في الصّلاة من الاتّباع» ومنها «برنامج» جمعه لشيخه الفقيه ، العالم ، الأكمل ، الفاضل ، الصّالح ، الأديب ، الأوحد أبي بكر محمّد بن الحسن بن يوسف بن حبيش بفتح الحاء ، في أسماء (١) شيوخه وقرأه عليه ، فكتب عليه ابن حبيش رحمهالله ما رأيت أن أقيّده هنا بنصّه لبراعته ودلالته على فضيلة القارىء والمقروء عليه.
وكان هذا الرّجل رحمهالله آية الزّمان في التّواضع ، وطلب الخمول ، وإفراط الانقباض ، مع براعته في فنون العلم ، وإجادته في النّظم والنثر ، واتّساع روايته ؛ فحدّثني عنه صاحبنا ووليّنا في الله أبو عبد الله بن هريرة أنّه كان إذا عرف موضعه ، انتقل عنه إلى موضع آخر لا يعرف به. وأراني تخميساته الثّلاثة لقصيدة الشّقراطسيّ. وقد كتبها صاحبنا أبو عبد الله بخطّه ، وقرأها عليه ، وكتب عليها قراءته إيّاها عليه ، وخطّطه في ذكره بما ينبغي ، ثمّ دفعها إليه ليكتب له عليها ، قال لي : فأدخلها إلى الدّار (٢) وقال لي : لا تستبطئني ، ثمّ (٣) خرج وقد (٤) بشر كلّ ما خططته به ، ومدّ اسمه في ذلك المبشور ، وكذلك بشر كل ما خطّطت به والده إلّا : الشّيخ الكاتب ، فإنّه أبقاهما وقال لي : نعم كان شيخا مسنّا وكان يكتب ، وأراني صاحبنا أبو عبد الله هذا البشر ، وخطّ ابن حبيش عليه ، وهذا نهاية ما يكون من التّواضع وترك التّظاهر. وأغرب من هذا ما كتبه لصاحبنا أبي العبّاس المذكور على ما جمع له من أسماء شيوخه ،
__________________
(١) ليست في ت.
(٢) في ط : للدار.
(٣) (٣) سقطت من ط.