ضررا ، وأكثرهم جرأة ، وأقلّهم حياء ومروءة ، لا يستقلّون القليل ، ولا يعفون عن ابن السّبيل ، ليس في أصناف القطّاع أخسّ منهم همما ، ولا أوضع منهم نفوسا ، ولا أكثر منهم إقداما على كل صالح وطالح ، لا ينبغي لمسلم أن يغرّر بلقائهم. فلمّا وقفنا على باب (١) تلمسان صادفنا العادة الكريمة من لطف المولى سبحانه ، فألفينا قافلة تخرج ، وهي كبيرة (٢) تزيد على الألف وقال لنا قائل على الباب : إنّ لهم في محاولة الخروج نحوا من ثلاثة أشهر ، حتّى تسنّى لهم بخفارة على أداء خفارة (٣) فدخلنا إلى البلد. وخرجت ساعة دخولنا إلى زيارة قبور الصّالحين بالموضع المعروف بالعبّاد ، وزرت قبر الشّيخ الصّالح آية زمانه أبي مدين [شعيب](٤) رضياللهعنه ، ثم رجعت إلى البلد ، فبتنا به ، ثمّ خرجنا من الغد ، وأدركنا القافلة [بحمد الله](٥) بوجدة ، وهما مدينتان بينهما مسافة قليلة في بسيط مستو ، وقد دثرتا فلم يبق منهما إلّا رسوم حائلة (٦) ، وأطلال ماثلة ، والقديمة أشدّهما دثورا وبهما عمارة قليلة ، فرحلنا منها مع القافلة حتّى وصلنا إلى رباط تازة وذلك في آخر رمضان.
__________________
(١) في ط : بباب.
(٢) في ط : كثيرة.
(٣) الخفارة : بكسر الخاء : الإجارة والحماية ، والخفارة بالضم : ما يؤديه المستجير لمن يخفره ويحميه.
(٤) ليست في الأصل.
(٥) ليست في الأصل.
(٦) في ت : حاملة وهو تصحيف.