قلت : خفّف القاضي ـ رحمهالله ـ «الحمر» ، والتخفيف في «فعل» مطّرد إلا فيما يلبس ، وهو هنا يلبس ملبس بجمع أحمر ، فينبغي ألّا يخفّف ؛ ولم يقرأ في السّبع (كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ)(١) إلّا بالتثقيل ؛ ومن هذه الحجة أنكر المحقّقون (٢) إسكان الباء في قوله صلىاللهعليهوسلم : «الّلهم إنّي أعوذ بك من الخبث والخبائث» (٣) لّما كان إسكانه يلبس بالمفرد ، وسيأتي ذكر هذا الحديث إن شاء الله تعالى.
وممّا عرض لي نظمه بمدينة تلمسان ـ جبرها الله ـ قولي : [الطويل]
تغرّبت عن أهلي إليك ومالي |
|
وأعرضت عن قيل عداك وقال |
تماثل في دنياي ـ إذ أنت مطلبي ـ |
|
محب له شوق إليّ وقال |
سموت على قصد إليك بهمّة |
|
ترى عيش كسرى مثل عيش دلال |
ولاحت لي الدّنيا فأبصرت عمرها |
|
، ولو زيد أضعافا ، كحلّ عقال |
٥ ـ وما عيشها إلّا كظلّ غمامة |
|
وما ملكها إلّا كطيف خيال |
وهل بعد أن أسدى إليّ لطائفا |
|
يقصّر عن تبيانهنّ مقالي |
وباشر قلبي باليقين مبرّدا |
|
حرارة إشكال أخلّ بحالي (٤) |
__________________
(١) سورة المدّثرّ ، الآية : ٥٠. وقال : أبو حيّان : «قرأ الجمهور حمر بضمّ الميم ، والأعمش بإسكانها» البحر المحيط ٨ / ٣٨٠.
(٢) في حاشية الأصل عبارة : بل أجازوا في شرح العمدة.
(٣) أخرجه الترمذي عن أنس في كتاب الطهارة ، باب ما يقول إذا ادخل الخلاء (حديث رقم ٥). ـ وموارد الظّمان للهيثمي : ٦١ ـ وسنن البيهقي : ١ / ٩٥ ـ والمعجم الصغير للطبراني ٢ / ٤٤ ـ وفي الضعفاء الكبير للعقيلي ٣ / ٣٧١. وصحيح ابن حبّان ٢ / ٣٤٢ ، ومسند أبي يعلي الموصلي ٧ / ١٠ ، والخبث جماعة الخبيث ، والخبائث : جمع الخبيثة ؛ يريد ذكر ان الشياطين وإناثهم.
(٤) في ت : أحلّ بحالي.