والثّلاثين من عمره بأنّه «فتيّ السّن» (١) فتكون ولادته حوالي سنة (٦٤٣ ه / ١٢٤٥ م) وأغلب الظّنّ أنّ وفاته كانت بعد سنة سبع مئة للهجرة ، وهذا قريب ممّا قدّره الدّكتور عمر فرّوخ إذ جعل وفاته سنة (٧٢٠ ه / ١٣٢٠) (٢).
ولا يذكر العبدريّ شيئا عن دراسته الأولى ، ولا تنجدنا المصادر في معرفة بدايات تكوينه الثّقافي ، ولا يستبعد أنهّ تتلمذ على والده ـ المعلّم ـ ودخل الكتّاب ـ كما كانت العادة ـ في بلدته «حاحة» فحفظ القرآن ، وتعلّم على الطّريقة المتّبعة حينئذ من التّدرّج في حفظ المتون ، وتعلم العمليّات الحسابيّة ، ثم ارتقى إلى أن أصبح من الطّلّاب ، عندها انتقل إلى مرّاكش الّتي كانت مركزا علميّا مرموقا آنذاك ، فأخذ عن جلّة من علمائها أمثال محمّد بن علي بن يحيى الشّريف الّذي كان شيخه وشيخ صاحبه ابن عبد الملك المراكشي. (٣)
وقد أفاد العبدريّ من كثرة مشايخه ، وتنوّع ثقافاتهم فأتقن كثيرا من الفنون ، ظهرت جليّة في رحلته الّتي بدا فيها المؤلّف حافظا للقرآن والحديث ، مطّلعا على الأدب العربي نثره وشعره ، وخطبه ورسائله ، عارفا بأيّام العرب وغزواتهم ، وفصحاء خطبائهم ، وله معرفة بالأسماء والألقاب والكنى ، وأسماء الأماكن ، وبمصطلحات علوم الأدب والبلاغة والعروض.
__________________
(١) الرّحلة : ٥٣.
(٢) تاريخ الأدب العربي : ٦ / ٤٠١.
(٣) الرّحلة : ٣٠٢.