__________________
منصور النصوجي والشيخ أحمد الشيتني وأما مشايخه في الطريق وأساتذته في الإرشاد والتحقيق فهم جملة أجلاء تزين بهم الوفود وتحلي واسطة عقدهم الثمين ، وجوهرة تاجهم ببلد الله الأمين العارف بالله والدال عليه سيدنا السيد عبد الرحمن بن السيد محمد بن السيد أحمد الخيثني المغربي النحاس المالكي الشهير بالمحجوب نفعنا الله سبحانه بهم ، ومنهم العلامة المحقق والفهامة المدقق السيد سعد الله الهندي وغيرهم ، عاش رحمهالله تعالى وهو مواظب ولم تعلم له صبوة ولا له إليها ميل ، ومات رحمهالله تعالى وهو مواظب على قيام الليل ، كان ورده في اليوم والليلة عشرة أجزاء من كلام رب العالمين ، ثم لما أن كبر وجاوز الثمانين كان يقرأ ما أمكنه ليلا ونهارا وسرا وجهارا ، وما خلا وقت من أوقاته بغير تدريس أو تلاوة أو صلاة أو مذاكرة ولم يخل بقيام الليل بجزأين من كتاب الله تعالى إلى مرضه الذي مات فيه ، ومن مناقبه رحمة الله عليه تصحيحه للكتب الستة بذل فيها الجهد حتى صارت مرجع العلماء من جميع الأمصار ومعتمد أولي الأبصار وأعظمها صحيح البخاري الذي وجد في نسخته ما في اليونانية وزيادة كتبه بيده وأخذ في كتابته وتصحيحه نحوا من عشرين سنة ومن مناقبه أنه جمع مسند الإمام أحمد بعد أن تفرق أيادي سبأ وكاد أن يكون كالهباء وصحح منه نسخة صارت إماما وكعبة لمن أمّا ، نقل منها السادة العلماء نسخا تشفي الألم وجمع من نفيس الكتب ما لا يوجد له عند غيره نظير ، وكان لا يبخل بإعارة الكتب لا لجليل ولا لحقير كانت أخلاقه رضية وشمائله مرضية ، طال ما اعتورت الطلبة في مجلسه كؤس الصخب ولم يظهر له في ذلك عليهم غضب بل يأخذهم بالأسلقة واللين حتى يتبين لهم ما أشكل عليهم أوضح تبيين سيرته رحيمة وسريرته سليمة ، لا يمل من النظر إلى وجهه البهي ولا يسأم من لفظه السوي ، مولده كان عند طلوع الفجر يوم الأربعاء رابع شهر شعبان سنة تسع وأربعين وألف. ومات رحمهالله تعالى قبيل العصر من يوم الإثنين رابع شهر رجب الفرد في السنة المذكورة رحمهالله تعالى وعفى عنه وقد حزن لموته الخاص والعام وغص للصلاة عليه بالناس المسجد الحرام وكانت جنازته حافلة جدا وصلى عليه إماما بالناس السيد عبد الرحمن بن السيد عبد الله العلوي السقاف ونقل بعد الصلاة عليه إلى المعلاة ودفن بها بزاوية الشيخ محمد ، وله من العمر خمس وثمانون سنة».