وأقيمت الصلوات ، وأديت الزكوات في جميع هذه الجزيرة ، على الوجه المشروع بالآيات والأحاديث الشهيرة ، وقام الأمر (١) بالمعروف والنهي عن المنكر على كل كبير وصغير ، وشريف وحقير ، وأمنت السبل حتى طار صيتهم في الأقطار ، وملأت هيبتهم قلوب السلاطين والملوك الكبار ، وصارت نجد بهم مشرقة منيرة ، كأنها شمس الظهيرة.
أما السنون التي سبقت قبلهم (٢) فغلب فيها الإشراك والضلال والجهل والظلم ، وفتن كقطع الليل المظلم ، وقتال بين أهل كل بلد عدوانا وحمية جاهلية ، وتحالف وتفازع وعصبية ، وكل بلد فيها رئيسين (٣) فأكثر ، لا يزال يقع بينهم الشر ، فهم في أيامهم في طغيانهم يعمهون ، تارة يتقاتلون وتارة يتسالمون ، فلا يسافر ذو الحاجة فرسخا أو ميلا ، إلا كاد أن يرجع مسلوبا أو قتيلا ، فناسب وضع هذه السنين الشريرة تحت هذه السنين المنيرة ، فإن الأشياء لا تعرف إلا بأضدادها. والله تعالى هو موفقها لصلاحها ، والقاضي عليها بفسادها.
اللهم يا عظيم يا جليل اهدنا سواء السبيل ، وأصلح فساد قلوبنا ، واغفر لنا ذنوبنا ، إنك أنت الغفور الرحيم ، اللهم آمين.
__________________
(١) جاء في طبعة الدارة ، ج ٢ ص ٣٧٦ : الأمير.
(٢) جاء في طبعة الدارة ، ج ٢ ص ٣٧٦ : قيامهم.
(٣) جاء في طبعة الدارة ، ج ٢ ص ٣٧٦ : رئيس.