بسم الله الرّحمن الرّحيم
الحمد لله منجي من شاء من عباده المؤمنين من الهلكة ، ومصطفى ما شاء من بلاده بمزيد الإيمان والبركة ، وأشهد أن لا إله الا الله وحده لا شريك له ، فطوبى لمن وحّده وتبّا لمن أشركه ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، المخصوص بالفضل الذي ما بلغه سواه ولا أدركه ، مولده بمكة ومهاجره طيبة ، وملكه بالشام فهي لأمّته خير مملكة ، ـ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اقتفى طريقه وسلكه ـ ، وبعد :
فإن الله تعالى جعل البلدة الحرام مبدأ لخلقه وأمره ، فأوّل ما خلق من الأرض مكان البيت ، ومنه دحيت الأرض ، وهو أول مسجد وضع على وجه الأرض لعبادة الله تعالى وتوحيده ، وفيه ابتدئت رسالة خاتم النبيين ، وأنزل الكتاب المبين ، وجعل الشام منتهى الخلق والأمر ، ففي آخر الزمان يستقر الإيمان وأهله بالشام ، وهي أرض المحشر والنشر للأنام.
وقد جمعت في هذا الكتاب ما ورد في حماية الشام وصيانتها بما فيها من الإيمان والإسلام تطييبا لقلوب المؤمنين (١ / أ) وتسكينا لها مما حدث بالشام من الحوادث المزعجة في سنة إحدى واثنين وتسعين بعد سبع مئين من هجرة إمام المتقين ، وخاتم النبيين ـ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين ـ.
والله المسئول أن يحسن لنا وللمسلمين العاقبة ، وأن يجعلنا من الطائفة القائمة بالحق الغالبة ، وقد قسمته إلى عشرة أبواب ، والله الموفق للصواب :
الباب الأول : فيما ورد في الأمر بسكنى الشام.
الباب الثاني : فيما ورد في استقرار العلم والإيمان بالشام.
الباب الثالث : فيما ورد في حفظ الشام من الفتن.
الباب الرابع : فيما ورد في استقرار خيار أهل الأرض في آخر الزمان