وينتقل؟ قال : كل مدينة معقل للمسلمين ، مثل دمشق.
قال أبو بكر الخلال : كلما ذكروه عن أبي عبد الله ـ يعني : أحمد ـ من معاقل المدن ، ثم ذكرهم ، عنه التوقي بآلتها أيضا فهذا لما يبلغه من الحوادث ، فأما ذكرهم عنه دمشق فهي عنده معقل دون الشام ودون غيرها إلا ما ذكر في أول الباب من محبته المدينة على غيرها. انتهى.
وحاصل ما نقل عن الإمام أحمد أنه يستحب سكنى الشام والانتقال بالذرية والعيال إلى معاقلها كدمشق.
فأما أطرافها وثغورها القريبة من السواحل فلا يستحب سكناها بالذرية لما يخشى عليهم (٤ / ب) من إغارة الكفار ، وإنما يستحب الإقامة بها للرباط بدون نقل النساء والذريّة.
وكل ما كان من بلدانها أقرب إلى السواحل وأشد خوفا فإنه يكره نقل الذرية إليه.
فأما الأحاديث في فضائل الشام فلا تختص عنده بثغورها بل هي عامة لجميع أرض الشام كبيت المقدس وما والاه ودمشق وغيرها والله تعالى أعلم.
وكذلك : كره الأوزاعي نقل الذريّة إلى الثغور التي يخشى عليها من العدو ، دون الثغور التي يغلب عليها الأمن من العدو.
وفي كتاب" المراسيل" لأبي داود عن الوضين بن عطاء ، عن مكحول والقاسم أبي عبد الرحمن ، أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، قال : «لا تتركوا الذريّة» (١) يعني : بإزاء العدوّ.
وروى جويبر ، عن الضحاك ، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، قال : «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يعرض ذريته لسباء المشركين».
خرّجه أبو إسحاق الفزاري في كتاب" السير" ، وهو مرسل ، وجويبر
__________________
(١) أخرجه أبو داود" المراسيل" (٣٤٤) من طريق عمر بن عثمان قال : قرأه علينا الوليد ابن مسلم ، عن الوضين بن عطاء ، به. وفيه عنعنة الوليد ، الوضين سيئ الحفظ.