ينشىء الله مكانه آخر يخلفه وهم أوتاد الأرض ، قلوب ثلاثين منهم على مثل يقين إبراهيم عليه السلام ، لم يفضلوا الناس بكثرة الصلاة ولا بكثرة الصيام ولا بحسن التخشع ولا بحسن الحلية ، ولكن بصدق الورع ، وحسن النية ، وسلامة القلوب ، والنصحية لجميع المسلمين ابتغاء مرضاة الله بصبر وخير ولب حليم ، وبتواضع في غير مذلّة ، واعلم أنهم لا يلعنون شيئا ، ولا يؤذون أحدا فوقهم ، ولا يتطاولون على أحد تحتهم ، ولا يحقرون ، ولا يحسدون ليسوا بمتخشعين ، ولا متماوتين ، ولا معجبين (٢٢ / أ) ولا يحبون الدنيا ليسوا اليوم في خشية وغدا في غفلة (١).
وروى إبراهيم بن هانىء عن الإمام أحمد ، قال : إن لم يكن أصحاب الحديث هم الأبدال فلا أدري من هم؟!
ومراده بأصحاب الحديث من حفظ الحديث وعلمه وعمل به ، فإنه نص أيضا على أن أهل الحديث من عمل بالحديث ، لا من اقتصر على طلبه.
ولا ريب أن من علم سنن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعمل بها وعلمها الناس فهو من خلفاء الرسل ، وورثة الأنبياء ، ولا أحد أحق بأن يكون من الأبدال منه ، والله أعلم.
ومما يشهد لذلك الأبدال ، وكونهم في الشام حديث خرجه الإمام أحمد وأبو داود من حديث قتادة ، عن أبي الخليل ، عن صاحب له ، عن أم سلمة ، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، قال : «يكون اختلاف عند موت خليفة فيخرج رجل من أهل المدينة هاربا إلى مكة فيأتيه ناس من أهل مكة فيخرجونه وهو كاره فيبايعونه بين الركن والمقام ويبعث إليه بعث من الشام فيخف فيخسف بهم بالبيداء بين مكة والمدينة ، فإذا رأى الناس ذلك أتاه [أبدال أهل اليمن وعصابة أهل الشام](٢)
__________________
(١) أخرجه ابن عساكر في" تاريخ دمشق" (١ / ١٣٨).
(٢) كذا بالأصل ، وعند أحمد وأبو داود : " أبدال الشام وعصائب أهل العراق".