(ذِي الْمَعارِجِ) (١) ، أو يكون ذلك عبارة عن رفعه شأنه وعلو سلطانه. كما أن قوله : (ذُو الْعَرْشِ) عبارة عن ملكه ، وبنحوه فسر ابن زيد قال : عظيم الصفات. و (الرُّوحَ) : النبوة ، قاله قتادة والسدي ، كما قال : (رُوحاً مِنْ أَمْرِنا) (٢) ؛ وعن قتادة أيضا : الوحي. وقال ابن عباس : القرآن ، وقال الضحاك : جبريل يرسله لمن يشاء. وقيل : الرحمة ، وقيل : أرواح العباد ، وهذان القولان ضعيفان ، والأولى الوحي ، استعير له الروح لحياة الأديان المرضية به ، كما قال : (أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ) (٣). وقال ابن عطية : ويحتمل أن يكون إلقاء الروح عامل لكل ما ينعم الله به على عباده المهتدين في تفهيم الإيمان والمعقولات الشريفة. انتهى. وقال الزجاج : الروح : كل ما به حياة الناس ، وكل مهتد حي ، وكل ضال ميت. انتهى. وقال ابن عباس : (مِنْ أَمْرِهِ) : من قضائه. وقال مقاتل : بأمره ، وحكى الشعبي من قوله ، ويظهر أن من لابتداء الغاية.
وقرأ الجمهور : (لِيُنْذِرَ) مبنيا للفاعل ، (يَوْمَ) بالنصب ، والظاهر أن الفاعل يعود على الله ، لأنه هو المحدث عنه. واحتمل يوم أن يكون مفعولا على السعة ، وأن يكون ظرفا ، والمنذر به محذوف. وقرأ أبيّ وجماعة : كذلك ، إلا أنهم رفعوا يوم على الفاعلية مجازا. وقيل : الفاعل في القراءة الأولى ضمير الروح. وقيل : ضمير من. وقرأ اليماني فيما ذكر صاحب اللوامح : لينذر مبنيا للمفعول ، يوم التلاق ، برفع الميم. وقرأ الحسن واليماني فيما ذكر ابن خالويه : لتنذر بالتاء ، فقالوا : الفاعل ضمير الروح ، لأنها تؤنث ، أو فيه ضمير الخطاب الموصول. وقرىء : التلاق والتناد ، بياء وبغير ياء ، وسمي يوم التلاق لالتقاء الخلائق فيه ، قاله ابن عباس. وقال قتادة ومقاتل : يلتقي فيه الخالق والمخلوق. وقال ميمون بن مهران : يلتقي فيه الظالم والمظلوم. وحكى الثعلبي : يلتقي المرء بعلمه. وقال السدّي : يلاقي أهل السماء أهل الأرض. وقيل : يلتقي العابدون ومعبودهم. (يَوْمَ هُمْ بارِزُونَ) : أي ظاهرون من قبورهم ، لا يسترهم شيء من جبل أو أكمة أو بناء ، لأن الأرض إذ ذاك قاع صفصف ، ولا من ثياب ، لأنهم يحشرون حفاة عراة. ويوما بدل من يوم التلاق ، وكلاهما ظرف مستقبل. والظرف المستقبل عند سيبويه لا يجوز إضافته إلى الجملة الاسمية ، لا يجوز : أجيئك يوم زيد ذاهب ، إجراء له مجرى إذا ، فكما لا يجوز أن تقول :
__________________
(١) سورة المعارج : ٧٠ / ٣.
(٢) سورة الشورى : ٤٢ / ٥٢.
(٣) سورة الأنعام : ٦ / ١٢٢.