لا يعقل يؤنث ، ومن حيث يقال شموس وأقمار لاختلافهما بالأيام والليالي ، ساغ أن يعود الضمير مجموعا. (إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) : أي إن كنتم موحدين غير مشركين ، والسجدة عند الشافعي عند قوله : (تَعْبُدُونَ) ، وهي رواية مسروق عن عبد الله لذكر لفظ السجدة قبلها ، وعند أبي حنيفة عند قوله : (لا يَسْأَمُونَ) ، لأنها تمام المعنى ، وفي التحرير : كان علي وابن مسعود يسجدان عند (تَعْبُدُونَ). وقال ابن وهب والشافعي : عند (يَسْأَمُونَ) ، وبه قال أبو حنيفة ، وسجد عندها ابن عباس وابن عمر وأبو وائل وبكر بن عبد الله ، وكذلك روي عن مسروق والسلمي والنخعي وأبي صالح وابن سيرين. انتهى ملخصا.
(فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا) : أي تعاظموا على اجتناب ما نهيت من السجود لهذين المحدثين المربوبين ، وامتثال ما أمرت به من السجود للخالق لهن ؛ فإن الملائكة الذين هم عند الله بالمكانة والرتبة الشريفة ينزهونه عن ما لا يليق بكبريائه ، (وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ) : أي لا يملون ذلك ، وهم خير منكم ، مع أنه تعالى غني عن عبادتكم وعبادتهم. ولما ذكر شيئا من الدلائل العلوية ، ذكر شيئا من الدلائل السفلية فقال : (وَمِنْ آياتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خاشِعَةً) : أي غبراء دارسة ، كما قال :
ونؤى كجذم الحوض أبلم خاشع
استعير الخشوع لها ، وهو التذلل لما ظهر بها من القحط وعدم النبات وسوء العيش عنها ، بخلاف أن تكون معشبة وأشجارا مزهرة ومثمرة ، فذلك هو حياتها. وقال السدّي : خاشعة ميتة يابسة ، وتقدّم الكلام على قوله : (فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ ، اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ) تفسيرا وقراءة في أوائل سورة الحج. (إِنَّ الَّذِي أَحْياها لَمُحْيِ الْمَوْتى) : يرد الأرواح إلى الأجساد ، (إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) : لا يعجزه شيء تعلقت به إرادته.
(إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آياتِنا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنا أَفَمَنْ يُلْقى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيامَةِ اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ، إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ ، لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ، ما يُقالُ لَكَ إِلَّا ما قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقابٍ أَلِيمٍ ، وَلَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً أَعْجَمِيًّا لَقالُوا لَوْ لا فُصِّلَتْ آياتُهُءَ أَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولئِكَ يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ ، وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ ، مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ).