سفيان ، وأبي جهل ، وعتبة ، وشيبة بن أبي ربيعة من قريش ، أي كما قال من قبلهم أيضا ، يسلي رسول الله صلىاللهعليهوسلم بذلك. والمترف : المنعم ، أبطرتهم النعمة ، فآثروا الشهوات ، وكرهوا مشاق التكاليف. وقرأ الجمهور : قل على الأمر ؛ وابن عامر وحفص : قال على الخبر. وقرأ الجمهور : جئتكم ، بتاء المتكلم ؛ وأبي جعفر ، وشيبة ، وابن مقسم ، والزعفراني ، وأبو شيخ الهنائي ، وخالد : جئناكم ، بنون المتكلمين. والظاهر أن الضمير في قال ، أو في قل ، للرسول ، أي : قل يا محمد لقومك : أتتبعون آباءكم ، ولو جئتكم بدين أهدى من الدين الذي وجدتم عليه آباءكم؟ وهذا تجهيل لهم ، حيث يقلدون ولا ينظرون في الدلائل. (قالُوا إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ) ، أنت والرسل قبلك. غلب الخطاب على الغيبة. (فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ) بالقحط والقتل والسبي والجلاء. (فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ) من كذبك. وقال ابن عطية في قال : ضمير يعود على النذير ، وباقي الآية يدل على أن قل في قراءة من قرأها ليست بأمر لمحمد صلىاللهعليهوسلم ، وإنما هي حكاية لما أمر به النذير. ولو : في هذا الموضع ، كأنها شرطية بمعنى : إن ، كان معنى الآية : أو إن جئتكم بأبين وأوضح مما كان عليه آباؤكم ، يصحبكم لجاجكم وتقليدكم ، فأجاب الكفار حينئذ من الأمم المكذبة بأنبيائها ، كما كذبت بمحمد صلىاللهعليهوسلم ، ولا يتعين ما قاله ، بل الظاهر هو ما قدمناه.
(وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ) : وذكر العرب بحال جدّهم الأعلى ، ونهيه عن عبادة غير الله ، وإفراده بالتوحيد والعبادة هزؤا لهم ، ليكون لهم رجوع إلى دين جدهم ، إذ كان أشرف آبائهم والمجمع على محبته ، وأنه صلىاللهعليهوسلم لم يقلد أباه في عبادة الأصنام ، فينبغي أن تقتدوا به في ترك تقليد آبائكم الأقربين ، وترجعوا إلى النظر واتباع الحق. وقرأ الجمهور : برآء ، مصدر يستوي فيه المفرد والمذكر ومقابلهما ، يقال : نحن البراء منك ، وهي لغة العالية. وقرأ الزعفراني والقورصي ، عن أبي جعفر وابن المناذري ، عن نافع : بضم الباء ؛ والأعمش : برىء ، وهي لغة نجد وشيخيه ، ويجمع ويؤنث ، وهذا نحو : طويل وطوال ، وكريم وكرام. وقرأ الأعمش : إني ، بنون مشددة دون نون الوقاية ؛ والجمهور : إنني ، بنونين ، الأولى مشددة. والظاهر أن قوله : (إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي) استثناء منقطع ، إذ كانوا لا يعبدون الله مع أصنامهم. وقيل : كانوا يشركون أصنامهم معه تعالى في العبادة ، فيكون استثناء متصلا. وعلى الوجهين ، فالذي في موضع نصب ، وإذا كان استثناء متصلا ، كانت ما شاملة من يعلم ومن لا يعلم. وأجاز الزمخشري أن يكون الذي مجرورا بدلا من المجرور بمن ، كأنه قال : إنني براء مما تعبدون ، إلا من الذي. وأن تكون إلا صفة