الزمخشري : وآنفا نصب على الظرف. انتهى. وقال ذلك لأنه فسره بالساعة. وقال ابن عطية ، والمفسرون يقولون : آنفا ، معناه : الساعة الماضية القريبة منا ، وهذا تفسير بالمعنى. انتهى. والصحيح أنه ليس بظرف ، ولا نعلم أحدا من النحاة عده في الظروف. والضمير في (زادَهُمْ) عائد على الله ، كما أظهره قوله : (طَبَعَ اللهُ) ، إذ هو مقابلهم ، وكما هو في : (وَآتاهُمْ) ؛ والزيادة في هذا المعنى تكون بزيادة التفهيم والأدلة ، أو بورود الشرع بالأمر والنهي والإخبار ، فيزيد المهدي لزيادة علم ذلك والإيمان به. قيل : ويحتمل أن يعود على قول المنافقين واضطرابهم ، لأن ذلك مما يعجب به المؤمن ويحمد الله على إيمانه ويزيد نصرة في دينه. وقيل : يعود على قول الرسول (وَآتاهُمْ تَقْواهُمْ) : أي أعطاهم ، أي جعلهم متقين له ؛ فتقواهم مصدر مضاف للفاعل.
(أَنْ تَأْتِيَهُمْ) : بدل اشتمال من الساعة ، والضمير للمنافقين ؛ أي الأمر الواقع في نفسه انتظار الساعة ، وإن كانوا هم في أنفسهم ينتظرون غير ذلك ؛ لأن ما في أنفسهم غير مراعى ، لأنه باطل. وقرأ أبو جعفر الرواسي عن أهل مكة : أن تأتهم على الشرط ، وجوابه : (فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها) ، وهذا غير مشكوك فيه ، لأنها آتية لا محالة. لكن خوطبوا بما كانوا عليه من الشك ، ومعناه : إن شككتم في إثباتها فقد جاء أعلامها ؛ فالشك راجع إلى المخاطبين الشاكين. وقال الزمخشري : فإن قلت : فما جزاء الشرط؟ قلت : قولهم : (فَأَنَّى لَهُمْ) ، ومعناه : أن تأتيهم الساعة ، فكيف لهم ذكراهم ، أي تذكرهم واتعاظهم؟ إذا جاءتهم الساعة يعني لا تنفعهم الذكرى حينئذ لقوله : (يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ) و (أَنَّى لَهُ الذِّكْرى) (١). فإن قلت : بم يتصل قوله ، وقد جاء أشراطها على القراءتين؟ قلت : بإتيان الساعة اتصال العلة بالمعلول كقولك : إن أكرمني زيد فأنا حقيق بالإكرام أكرمه. وقرأ الجعفي ، وهارون ، عن أبي عمرو : (بَغْتَةً) ، بفتح العين وشد التاء. قال صاحب اللوامح : وهي صفة ، وانتصابها على الحال لا نظير لها في المصادر ولا في الصفات ، بل في الأسماء نحو : الحرية ، وهو اسم جماعة ، والسرية اسم مكان. انتهى. وكذا قال أبو العباس بن الحاج ، من أصحاب الأستاذ أبي علي الشلوبين ، في (كتاب المصادر) على أبي عمرو : أن يكون الصواب بغتة ، بفتح الغين من غير تشديد ، كقراءة الحسن فيما تقدم. انتهى. وهذا على عادته في تغليظ الرواية.
__________________
(١) سورة الفجر : ٨٩ / ٢٣.