لا بد من صنعا وإن طال السفر
وفي قوله : (تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً) دليل على كثرة ذلك منهم. وقرأ عمرو بن عبيد : ورضوانا ، بضم الراء. وقرىء : سيمياهم ، بزيادة ياء والمد ، وهي لغة فصيحة كثيرة في الشعر ، قال الشاعر :
غلام رماه الله بالحسن يافعا |
|
له سيمياء لا تشق على البصر |
وهذه السيما ، قال مالك بن أنس : كانت جباههم منيرة من كثرة السجود في التراب. وقال ابن عباس ، وخالد الحنفي ، وعطية : وعد لهم بأن يجعل لهم نورا يوم القيامة من أثر السجود. وقال ابن عباس أيضا : السمت : الحسن وخشوع يبدو على الوجه. وقال الحسن ، ومعمر بن عطية : بياض وصفرة وبهيج يعتري الوجه من السهر. وقال عطاء ، والربيع بن أنس : حسن يعترى وجوه المصلين. وقال منصور : سألت مجاهدا : هذه السيما هي الأثر يكون بين عيني الرجل؟ قال : لا ، وقد تكون مثل ركبة البعير ، وهي أقسى قلبا من الحجارة. وقال ابن جبير : ذلك مما يتعلق بجباههم من الأرض عند السجود. وقال الزمخشري : المراد بها السمة التي تحدث في جبهة السجاد من كثرة السجود. وقوله : (مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ) يفسرها : أي من التأثير الذي يؤثره السجود. وكان كل من العليين ، علي بن الحسين زين العابدين ، وعلي بن عبد الله بن العباس أبي الملوك ، يقال له ذو الثفنات ، لأن كثرة سجودهما أحدثت في مواقعه منهما أشباه ثفنات البعير. انتهى. وقرأ ابن هرمز : إثر ، بكسر الهمزة وسكون الثاء ، والجمهور بفتحهما. وقرأ قتادة : من آثار السجود ، بالجمع.
(ذلِكَ) : أي ذلك الوصف من كونهم أشداء رحماء مبتغين سيماهم في وجوههم صفتهم في التوراة. قال مجاهد والفراء : هو مثل واحد ، أي ذلك صفتهم في التوراة والإنجيل ، فيوقف على الإنجيل. وقال ابن عباس : هما مثلان ، فيوقف على ذلك في التوراة ؛ وكزرع : خبر مبتدأ محذوف ، أي مثلهم كزرع ، أو هم كزرع. وقال الضحاك : المعنى ذلك الوصف هو مثلهم في التوراة وتم الكلام ، ثم ابتدأ ومثلهم في الإنجيل كزرع ، فعلى هذا يكون كزرع خبر ومثلهم. وقال قتادة : مثل أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم في الإنجيل مكتوب أنه سيخرج من أمة محمد صلىاللهعليهوسلم قوم ينبتون نباتا كالزرع ، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر. وقال الزمخشري : ويجوز أن يكون ذلك إشارة مبهمة أوضحت بقوله : (كَزَرْعٍ