(إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ) : نزلت في وفد بني تميم الأقرع بن حابس ، والزبرقان بن بدر ، وعمرو بن الأهتم وغيرهم. وفدوا ودخلوا المسجد وقت الظهيرة ، والرسول صلىاللهعليهوسلم راقد ، فجعلوا ينادونه بجملتهم : يا محمد ، اخرج إلينا. فاستيقظ فخرج ، فقال له الأقرع بن حابس : يا محمد ، إن مدحي زين وذمي شين ، فقال له رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ويلك! ذلك الله تعالى». فاجتمع الناس في المسجد فقالوا : نحن بني تميم بخطيبنا وشاعرنا ، نشاعرك ونفاخرك ؛ فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «ما بالشعر بعثت ، ولا بالفخار أمرت ، ولكن هاتوا». فقال الزبرقان لشاب منهم : فخر واذكر فضل قومك ، فقال : الحمد لله الذي جعلنا خير خلقه ، وآتانا أموالا نفعل فيها ما نشاء ، فنحن من خير أهل الأرض ، من أكثرهم عددا ومالا وسلاحا ، فمن أنكر علينا فليأت بقول هو أحسن من قولنا ، وفعل هو أحسن من فعلنا. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، لثابت بن قيس بن شماس ، وكان خطيبه : «قم فأجبه» ، فقال : «الحمد لله أحمده وأستعينه وأومن به وأتوكل عليه ، وأشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، دعا المهاجرين من بني عمه أحسن الناس وجوها وأعظمهم أحلاما فأجابوه ، والحمد لله الذي جعلنا أنصار دينه ووزراء رسوله وعزا لدينه ، فنحن نقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ، فمن قالها منع نفسه وماله ، ومن أباها قتلناه وكان رغمه علينا هينا ، أقول قولي هذا وأستغفر الله للمؤمنين والمؤمنات». وقال الزبرقان لشاب : قم فقل أبياتا تذكر فيها فضل قومك ، فقال :
نحن الكرام فلا حي يعادلنا |
|
فينا الرءوس وفينا يقسم الربع |
ونطعم النفس عند القحط كلهم |
|
من السديف إذا لم يؤنس الفزع |
إذا أبينا فلا يأبى لنا أحد |
|
إنا كذلك عند الفخر نرتفع |
فأمر النبي صلىاللهعليهوسلم ، فدعا حسان بن ثابت ، فقال له : «أعدلي قولك فأسمعه» ، فأجابه :
إن الذوائب من فهر وإخوتهم |
|
قد شرعوا سنة للناس تتبع |
يوصي بها كل من كانت سريرته |
|
تقوى الإله فكل الخير يطلع |
ثم قال حسان في أبيات :
نصرنا رسول الله والدين عنوة |
|
على رغم غاب من معد وحاضر |
بضرب كأنواع المخاض مشاشة |
|
وطعن كأفواه اللقاح المصادر |
وسل أحدا يوم استقلت جموعهم |
|
بضرب لنا مثل الليوث الخوادر |