بعضه ببعض فهو نضيد ، فإذا خرج من الكفرى تفرق فليس بنضيد. و (رِزْقاً) نصب على المصدر ، لأن معنى : وأنبتنا رزقنا ، أو على أنه مفعول له. وقرأ الجمهور : (مَيْتاً) بالتخفيف ؛ وأبو جعفر ، وخالد : بالتثقيل ، والإشارة في ذلك إلى الإحياء ، أي الخروج من الأرض أحياء بعد موتكم ، مثل ذلك الحياة للبلدة الميت ، وهذه كلها أمثلة وأدلة على البعث.
وذكر تعالى في السماء ثلاثة : البناء والتزين ونفي الفروج ، وفي الأرض ثلاثة : المد وإلقاء الرواسي والإنبات. قابل المد بالبناء ، لأن المد وضع والبناء رفع. وإلقاء الرواسي بالتزيين بالكواكب ، لارتكاز كل واحد منهما. والإنبات المترتب على الشق بانتفاء الفروج ، فلا شق فيها. ونبه فيما تعلق به الإنبات على ما يقطف كل سنة ويبقى أصله ، وما يزرع كل سنة أو سنتين ويقطف كل سنة ، وعلى ما اختلط من جنسين ، فبعض الثمار فاكهة لا قوت ، وأكثر الزرع قوت والثمر فاكهة وقوت.
ولما ذكر تعالى قوله : (بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ) ، ذكر من كذب الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، تسلية لرسوله صلىاللهعليهوسلم ، وتقدم الكلام على مفردات هذه الآية وقصص من ذكر فيها. وقرأ أبو جعفر ، وشيبة ، وطلحة ، ونافع : الأيكة بلام التعريف ؛ والجمهور : ليكة. (كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ) : أي كلهم ، أي جميعهم كذب ؛ وحمل على لفظ كل ، فأفرد الضمير في كذب. وقال الزمخشري : يجوز أن يراد به كل واحد منهم. انتهى. والتنوين في كل تنوين عوض من المضاف إليه المحذوف. وأجاز محمد بن الوليد ، وهو من قدماء نحاة مصر ، أن يحذف التنوين من كل جعله غاية ، ويبنى على الضم ، كما يبنى قبل وبعد ، فأجاز كل منطلق بضم اللام دون تنوين ، ورد ذلك عليه الأخفش الصغير ، وهو علي بن سليمان. (فَحَقَّ وَعِيدِ) : أي وجب تعذيب الأمم المكذبة وإهلاكهم ، وفي ذلك تسلية للرسول صلىاللهعليهوسلم ، وتهديد لقريش ومن كذب الرسول.
قوله عزوجل : (أَفَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ ، وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ وَنَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ، إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ ، ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ، وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذلِكَ ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ ، وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ ، وَجاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَشَهِيدٌ).
(أَفَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ) : وهو إنشاء الإنسان من نطفة على التدريج ، وتقدم تفسير