مصدر نفخ ، وأضاف اليوم إلى الوعيد ، وإن كان يوم الوعد والوعيد معا على سبيل التخويف.
وقرأ الجمهور : معها ؛ وطلحة : بالحاء مثقلة ، أدغم العين في الهاء ، فانقلبتا حاء ؛ كما قالوا : ذهب محم ، يريد معهم ، (سائِقٌ) : جاث على السير ، (وَشَهِيدٌ) : يشهد عليه. قال عثمان بن عفان ، ومجاهد وغيره : ملكان موكلان بكل إنسان ، أحدهما يسوقه ، والآخر من حفظه يشهد عليه. وقال أبو هريرة : السائق ملك ، والشهيد النبي. وقيل : الشهيد : الكتاب الذي يلقاه منشورا ، والظاهر أن قوله : (سائِقٌ وَشَهِيدٌ) اسما جنس ، فالسائق : ملائكة موكلون بذلك ، والشهيد : الحفظة وكل من يشهد. وقال ابن عباس ، والضحاك : السائق ملك ، والشهيد : جوارح الإنسان. قال ابن عطية : وهذا يبعد عن ابن عباس ، لأن الجوارح إنما تشهد بالمعاصي ، وقوله : كل نفس يعم الصالحين ، فإنما معناه : وشهيد بخيره وشره. ويقوى في شهيد اسم الجنس ، فشهد بالخير الملائكة والبقاع ، ومنه قوله صلىاللهعليهوسلم : «لا يسمع مدى صوت المؤذن إنس ولا جن ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة». وقال أبو هريرة : السائق ملك ، والشهيد العمل. وقال أبو مسلم : السائق شيطان ، وهو قول ضعيف. وقال الزمخشري : ملكان ، أحدهما يسوقه إلى المحشر ، والآخر يشهد عليه بعمله ؛ أو ملك واحد جامع بنى الأمرين ، كأنه قيل : ملك يسوقه ويشهد عليه ويحل معها سائق النصب على الحال من كل لتعرفه بالإضافة إلى ما هو في حكم المعرفة ، هذا كلام ساقط لا يصدر عن مبتدىء في النحو ، لأنه لو نعت كل نفس ، لما نعت إلا بالنكرة ، فهو نكرة على كل حال ، فلا يمكن أن يتعرف كل ، وهو مضاف إلى نكرة.
قوله عزوجل : (لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ، وَقالَ قَرِينُهُ هذا ما لَدَيَّ عَتِيدٌ ، أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ ، مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ ، الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَأَلْقِياهُ فِي الْعَذابِ الشَّدِيدِ ، قالَ قَرِينُهُ رَبَّنا ما أَطْغَيْتُهُ وَلكِنْ كانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ ، قالَ لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ ، ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ، يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ ، وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ ، هذا ما تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ ، مَنْ خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ وَجاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ ، ادْخُلُوها بِسَلامٍ ذلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ ، لَهُمْ ما يَشاؤُنَ فِيها وَلَدَيْنا مَزِيدٌ).
قرأ الجمهور : (لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ) ، بفتح التاء ، والكاف في كنت وغطاءك وبصرك ؛ والجحدري : بكسرها على مخاطبة النفس. وقرأ الجمهور : (عَنْكَ غِطاءَكَ