(وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ) ، قال الضحاك ومجاهد وابن جبير : المطر والثلج ، لأنه سبب الأقوات ، وكل عين دائمة من الثلج. وقال مجاهد أيضا وواصل الأحدب : أراد القضاء والقدر ، أي الرزق عند الله يأتي به كيف شاء ، (وَما تُوعَدُونَ) : الجنة ، أو هي النار ، أو أمر الساعة ، أو من خير وشر ، أو من ثواب وعقاب ، أقوال المراد بها التمثيل لا التعيين. وقرأ ابن محيصن : أرزاقكم على الجمع ، والضمير في إنه عائد على القرآن ، أو إلى الدين الذي في قوله : (وَإِنَّ الدِّينَ لَواقِعٌ) ، أو إلى اليوم المذكور في قوله : (أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ) ، أو إلى الرزق ، أو إلى الله ، أو إلى النبي صلىاللهعليهوسلم ، أقوال منقولة. والذي يظهر أنه عائد على الإخبار السابق من الله تعالى فيما تقدم في هذه السورة من صدق الموعود ووقوع الجزاء ، وكونهم في (قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ) ، و (قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ) ، وكينونة المتقين في الجنة على ما وصف ، وذكر أوصافهم وما ذكر بعد ذلك ، ولذلك شبه في الحقيقة بما يصدر من نطق الإنسان بجامع ما اشتركا فيه من الكلام. وقرأ حمزة ، والكسائي ، وأبو بكر ، والحسن ، وابن أبي إسحاق ، والأعمش : بخلاف عن ثلاثتهم. مثل بالرفع : صفة لقوله : (لَحَقٌ) ؛ وباقي السبعة ، والجمهور : بالنصب ، وقيل : هي فتحة بناء ، وهو نعت كحاله في قراءة من رفع. ولما أضيف إلى غير متمكن بنى ، وما على هذا الإعراب زائدة للتوكيد ، والإضافة هي إلى أنكم تنطقون. وقال المازني : بنى مثل ، لأنه ركب مع ما ، فصار شيئا واحدا ، ومثله : ويحما وهيما وابنما ، قال حميد بن ثور :
ألا هيما مما لقيت وهيما |
|
وويحا لمن لم يلق منهن ويحما |
قال : فلو لا البناء لكان منونا ، وقال الشاعر :
فأكرم بنا أو أما وأكرم بنا ابنما
انتهى هذا التخريج. وابنما ليس ابنا بنى مع ما ، بل هذا من باب زيادة الميم فيه ، واتباع ما في الآخر ، إذ جعل في الميم الإعراب. تقول : هذا ابنم ، ورأيت ابنما ، ومررت بابنم ، وليست ما في الثلاث في ابنما مركبة مع ما ، كما قال : بل الفتحة في ابنما حركة إعراب ، وهو منصوب على التمييز ، وأنشد النحويون في بناء الاسم مع الحرف قول الراجز :
أثور ما أصيدكم أو ثورين |
|
أم تيكم الجماء ذات القرنين |
وقيل : هو نعت لمصدر محذوف تقديره : إنه لحق حقا مثل ما أنكم ، فحركته حركة إعراب. وقيل : انتصب على أنه حال من الضمير المستكن في (لَحَقٌ). وقيل : حال من