يريده : تحمده ساداتنا ، وفر بعضهم من جعل وعد خبرا فقال : كل خبر مبتدأ تقديره : وأولئك كل ، ووعد صفة ، وحذف الضمير المنصوب من الجملة الواقعة صفة أكثر من حذفه منها إذا كانت خبرا ، نحو قوله :
وما أدري أغيرهم تناء |
|
وطول العهد أم مال أصابوا |
يريد : أصابوه ، فأصابوه صفة لمال ، وقد حذف الضمير العائد على الموصوف والحسنى : تأنيث الأحسن ، وفسره مجاهد وقتادة بالجنة. والوعد يتضمن ذلك في الآخرة ، والنصر والغنيمة في الدنيا. (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) : فيه وعد ووعيد.
وتقدم الكلام على مثل قوله : (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ) ، إعرابا وقراءة وتفسيرا ، في سورة البقرة. وقال ابن عطية : هنا الرفع يعني في يضاعفه على العطف ، أو على القطع والاستئناف. وقرأ عاصم : فيضاعفه بالنصب بالفاء على جواب الاستفهام ، وفي ذلك قلق. قال أبو علي ، يعني الفارسي : لأن السؤال لم يقع على القرض ، وإنما وقع السؤال على فاعل القرض ، وإنما تنصب الفاء فعلا مردودا على فعل مستفهم عنه ، لكن هذه الفرقة ، يعني من القراء ، حملت ذلك على المعنى ، كأن قوله : (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ) بمنزلة أن لو قال : أيقرض الله أحد فيضاعفه؟ انتهى.
وهذا الذي ذهب إليه أبو علي من أنه إنما تنصب الفاء فعلا مردودا على فعل مستفهم عنه ليس بصحيح ، بل يجوز إذا كان الاستفهام بأدواته الاسمية نحو : من يدعوني فأستجيب له؟ وأين بيتك فأزورك؟ ومتى تسير فأرافقك؟ وكيف تكون فأصحبك؟ فالاستفهام هنا واقع عن ذات الداعي ، وعن ظرف المكان وظرف الزمان والحال ، لا عن الفعل. وحكى ابن كيسان عن العرب : أين ذهب زيد فنتبعه؟ وكذلك : كم مالك فنعرفه؟ ومن أبوك فنكرمه؟ بالنصب بعد الفاء. وقراءة فيضاعفه بالنصب قراءة متواترة ، والفعل وقع صلة للذي ، والذي صفة لذا ، وذا خبر لمن. وإذا جاز النصب في نحو هذا ، فجوازه في المثل السابقة أحرى ، مع أن سماع ابن كيسان ذلك محكيا عن العرب يؤيد ذلك. والظاهر أن قوله : (وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ) هو زيادة على التضعيف المترتب على القرض ، أي وله مع التضعيف أجر كريم.
قوله عزوجل : (يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ بُشْراكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ، يَوْمَ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا