هذه الآية. (لَعِبٌ وَلَهْوٌ) ، كحالة المترفين من الملوك. (وَزِينَةٌ) : تحسين لما هو خارج عن ذات الشيء. (وَتَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ) : قراءة الجمهور بالتنوين ونصب بينكم ، والسلمي بالإضافة. (وَتَكاثُرٌ) بالعدد والعدد على عادة الجاهلية ، وهذه كلها محقرات ، بخلاف أمر الآخرة ، فإنها مشتملة على أمور حقيقية عظام. قال الزمخشري : وشبه تعالى حال الدنيا وسرعة تقضيها ، مع قلة جدواها ، بنبات أنبته الغيث فاستوى واكتهل ، وأعجب به الكفار الجاحدون لنعمة الله فيما رزقهم من الغيث والنبات ، فبعث عليهم العاهة ، فهاج واصفر وصار حطاما ، عقوبة لهم على جحودهم ، كما فعل بأصحاب الجنة وصاحب الجنتين. انتهى.
وقال ابن عطية : (كَمَثَلِ) في موضع رفع صفة لما تقدّم. وصورة هذا المثال أن الإنسان ينشأ في حجر مملكة فما دون ذلك ، فيشب ويقوى ويكسب المال والولد ويغشاه الناس ، ثم يأخذ بعد ذلك في انحطاط ، فينشف ويضعف ويسقم ، وتصيبه النوائب في ماله ودينه ، ويموت ويضمحلّ أمره ، وتصير أمواله لغيره وتغير رسومه ، فأمره مثل مطر أصاب أرضا فنبت عن ذلك الغيث نبات معجب أنيق ، ثم هاج ، أي يبس واصفر ، ثم تحطم ، ثم تفرق بالرياح واضمحل. انتهى. قيل : الكفار : الزراع ، من كفر الحب ، أي ستره في الأرض ، وخصوا بالذكر لأنهم أهل البصر بالنبات والفلاحة ، فلا يعجبهم إلا المعجب حقيقة. وقيل : من الكفر بالله ، لأنهم أشدّ تعظيما للدنيا وإعجابا بمحاسنها ؛ وحطام : بناء مبالغة كعجاب. وقرىء : مصفارا. ولما ذكر ما يؤول إليه أمر الدنيا من الفناء ، ذكر ما هو ثابت دائم من أمر الآخرة من العذاب الشديد ، ومن رضاه الذي هو سبب النعيم.
قوله عزوجل : (سابِقُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ، ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ ، لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ وَاللهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ ، الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ، لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا بِالْبَيِّناتِ وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ وَالْمِيزانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ).
ولما ذكر تعالى ما في الآخرة من المغفرة ، أمر بالمسابقة إليها ، والمعنى : سابقوا إلى سبب مغفرة ، وهو الإيمان وعمل الطاعات. وقد مثل بعضهم المسابقة في أنواع ؛ فقال