وهكذا عن الزهري ، يعطي من صداق من لحق بهم. ومعنى أعقبتم : دخلتم في العقبة ، وعقبتم من عقبه إذا قفاه ، لأن كل واحد من المتعاقبين يقفي صاحبه ، وكذلك عقبتم بالتخفيف ، يقال : عقبه يعقبه. انتهى. وقال الزجاج : فعاقبتم : قاضيتموهم في القتال بعقوبة حتى غنمتم ، وفسر غيرها من القراءات : لكانت العقبى لكم : أي كانت الغلبة لكم حتى غنمتم والكفار من قوله : (إِلَى الْكُفَّارِ) ، ظاهره العموم في جميع الكفار ، قاله قتادة ومجاهد. قال قتادة : ثم نسخ هذا الحكم. وقال ابن عباس : يعطى من الغنيمة قبل أن تخمس. وقال الزهري : من مال الفيء ؛ وعنه : من صداق من لحق بنا. وقيل : الكفار مخصوص بأهل العهد. وقال الزهري : اقتطع هذا يوم الفتح. وقال الثوري : لا يعمل به اليوم. وقال مقاتل : كان في عهد الرسول فنسخ. وقال ابن عطية : هذه الآية كلها قد ارتفع حكمها. وقال أبو بكر بن العربي القاضي : كان هذا حكم الله مخصوصا بذلك الزمان في تلك النازلة بإجماع الأمة. وقال القشيري : قال قوم هو ثابت الحكم إلى الآن.
(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ) : كانت بيعة النساء في ثاني يوم الفتح على جبل الصفاء ، بعد ما فرغ من بيعة الرجال ، وهو على الصفا وعمر أسفل منه يبايعهن بأمره ويبلغهن عنه ، وما مست يده عليه الصلاة والسلام يد امرأة أجنبية قط. وقالت أسماء بنت يزيد بن السكن : كنت في النسوة المبايعات ، فقلت : يا رسول الله ابسط يدك نبايعك ، فقال لي عليه الصلاة والسلام : «إني لا أصافح النساء لكن آخذ عليهن ما أخذ الله عليهن» ، وكانت هند بنت عتبة في النساء ، فقرأ عليهن الآية. فلما قررهن على أن لا يشركن بالله شيئا ، قالت هند : وكيف نطمع أن تقبل منا ما لم تقبله من الرجال؟ تعني أن هذا بين لزومه. فلما وقف على السرقة قالت : والله إني لأصيب الهنة من مال أبي سفيان ، لا أدري أيحل لي ذلك؟ فقال أبو سفيان : ما أصبت من شيء فيما مضى وفيما عبر فهو لك حلال ، فضحك رسول الله صلىاللهعليهوسلم وعرفها ، فقال لها : «وإنك لهند بنت عتبة» ، قالت : نعم ، فاعف عما سلف يا نبي الله عفا الله عنك. فقال : (وَلا يَزْنِينَ) ، فقالت : أو تزني الحرة؟ قال : (وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَ) ، فقالت : ربيناهم صغارا وقتلتهم كبارا ، وكان ابنها حنظلة بن أبي سفيان قتل يوم بدر ، فضحك عمر رضي الله تعالى عنه حتى استلقى ، وتبسم رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال : (وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ) ، فقالت : والله إن البهتان لأمر قبيح ، ولا يأمر الله إلا بالرشد ومكارم الأخلاق. فقال : (وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ) ، فقالت : والله ما جلسنا مجلسنا هذا وفي أنفسنا أن نعصيك في شيء. ومعنى قول هند : أو تزني الحرة أنه