السفر : الكتاب المجتمع الأوراق منضدة.
(يُسَبِّحُ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ، هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ ، وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ، ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ، مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْراةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوها كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ، قُلْ يا أَيُّهَا الَّذِينَ هادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِياءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ، وَلا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ، قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ، يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ، فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ، وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها وَتَرَكُوكَ قائِماً قُلْ ما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ مِنَ اللهْوِ وَمِنَ التِّجارَةِ وَاللهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ).
هذه السورة مدنية. وقيل : مكية ، وهو خطأ ، لأن أمر اليهود وانفضاض الناس في الجمعة لم يكن إلا بالمدينة. ومناسبتها لما قبلها : أنه تعالى لما ذكر تأييد من آمن على أعدائهم ، أتبعه بذكر التنزيه لله تعالى وسعة ملكه وتقديسه ، وذكر ما أنعم به على أمّة محمد صلىاللهعليهوسلم من بعثته إليهم ، وتلاوته عليهم كتابه ، وتزكيتهم ، فصارت أمّته غالبة سائر الأمم ، قاهرة لها ، منتشرة الدعوة ، كما انتشرت دعوة الحواريين في زمانهم. وقرأ الجمهور : (الْمَلِكِ) بجرّه وجر ما بعده ؛ وأبو وائل ومسلمة بن محارب ورؤبة وأبو الدّينار الأعرابي : بالرفع على إضمار هو ، وحسنه الفصل الذي فيه طول بين الموصوف والصفة ، وكذلك جاء عن يعقوب. وقرأ أبو الدينار وزيد بن عليّ : القدوس بفتح القاف ؛ والجمهور : بالضم. (هُوَ الَّذِي بَعَثَ) الآية : تقدم الكلام في نظيرها في آل عمران وفي نسبة الأمّي.
(وَآخَرِينَ) : الظاهر أنه معطوف على (الْأُمِّيِّينَ) ، أي وفي آخرين من الأمّيين لم يلحقوا بهم بعد ، وسيلحقون. وقيل : (وَآخَرِينَ) منصوب معطوف على الضمير في (وَيُعَلِّمُهُمُ) ، أسند تعليم الآخرين إليه عليه الصلاة والسلام مجازا لما تناسق التعليم إلى آخر الزمان وتلا بعضه بعضا ، فكأنه عليه الصلاة والسلام وجد منه. وقال أبو هريرة وغيره : وآخرين هم فارس ، وجاء نصا عنه في صحيح البخاري ومسلم ، ولو فهم منه الحصر في