وقال آخر :
فلما أن أبين على أصاح |
|
ضرجن حصاة أشتاتا عزينا |
وعزة مما حذفت لامه ، فقيل : هي واو وأصله عزوة ، كأن كل فرقة تعتزي إلى غير من تعتزي إليه الأخرى ، فهم متفرقون. ويقال : عزاه يعزوه إذا أضافه إلى غيره. وقيل : لامها هاء والأصل عزهة وجمعت عزة بالواو والنون ، كما جمعت سنة وأخواتها بذلك ، وتكسر العين في الجمع وتضم. وقالوا : عزى على فعل ، ولم يقولوا عزات.
(سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ ، لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ ، مِنَ اللهِ ذِي الْمَعارِجِ ، تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ، فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً ، إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً ، وَنَراهُ قَرِيباً ، يَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ كَالْمُهْلِ ، وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ ، وَلا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً ، يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ ، وَصاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ ، وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ ، وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنْجِيهِ ، كَلَّا إِنَّها لَظى ، نَزَّاعَةً لِلشَّوى ، تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى ، وَجَمَعَ فَأَوْعى ، إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً ، إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً ، وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً ، إِلَّا الْمُصَلِّينَ ، الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ ، وَالَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ ، لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ، وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ ، وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ ، إِنَّ عَذابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ ، وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ ، إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ، فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ ، وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ ، وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهاداتِهِمْ قائِمُونَ ، وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ ، أُولئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ).
هذه السورة مكية. قال الجمهور : نزلت في النضر بن الحارث حين قال : (اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ) (١) الآية. وقال الربيع بن أنس : في أبي جهل. وقيل : في جماعة من قريش قالوا : (اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَ) الآية. وقيل : السائل نوح عليهالسلام ، سأل العذاب على الكافرين. وقيل : السائل رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، سأل الله أن يشدد وطأته على مضر الحديث ، فاستجاب الله دعوته. ومناسبة أولها لآخر ما قبلها : أنه لما ذكر (وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ) (٢) ، أخبر عن ما صدر عن بعض المكذبين بنقم الله ، وإن كان السائل نوحا عليهالسلام ، أو
__________________
(١) سورة الأنفال : ٨ / ٣٢.
(٢) سورة الحاقة : ٦٩ / ٤٩.