نصر رسوله صلىاللهعليهوسلم والمؤمنين على أعدائهم ، وفتح مكة وغيرها عليهم ، كالطائف ومدن الحجاز وكثير من اليمن. وقيل : نصره صلىاللهعليهوسلم على قريش وفتح مكة ، وكان فتحها لعشر مضين من رمضان ، سنة ثمان ، ومعه عليه الصلاة والسلام عشرة آلاف من المهاجرين والأنصار.
وقرأ الجمهور : (يَدْخُلُونَ) مبنيا للفاعل ؛ وابن كثير في رواية : مبنيا للمفعول. (فِي دِينِ اللهِ) : في ملة الإسلام الذي لا دين له يضاف غيرها. (أَفْواجاً) أي جماعات كثيرة ، كانت تدخل فيه القبيلة بأسرها بعد ما كانوا يدخلون فيه واحدا بعد واحد ، واثنين اثنين.
قال الحسن : لما فتح عليه الصلاة والسلام مكة ، أقبلت العرب بعضها على بعض فقالوا : أما الظفر بأهل الحرم فليس به يدان ، وقد كان الله تعالى أجارهم من أصحاب الفيل. وقال أبو عمر بن عبد البر : لم يمت رسول الله صلىاللهعليهوسلم وفي العرب رجل كافر ، بل دخل الكل في الإسلام بعد حنين. منهم من قدم ، ومنهم من قدّم وافده. قال ابن عطية : والمراد ، والله أعلم ، العرب عبدة الأوثان. وأما نصارى بني ثعلب فما أراهم أسلموا قط في حياة الرسول صلىاللهعليهوسلم ، لكن أعطوا الجزية. وقال مقاتل وعكرمة : المراد بالناس أهل اليمن ، وفد منهم سبعمائة رجل. وقال الجمهور : وفود العرب ، وكان دخولهم بين فتح مكة وموته صلىاللهعليهوسلم. و (أَفْواجاً) : جمع فوج. قال الحوفي : وقياس جمعه أفوج ، ولكن استثقلت الضمة على الواو فعدّل إلى أفواج ، كأنه يعني أنه كان ينبغي أن يكون معتل العين كالصحيح. فكما أن قياس فعل صحيحها أن يجمع على أفعل لا على أفعال ، فكذلك هذا ؛ والأمر في هذا المعتل بالعكس. القياس فيه أفعال ، كحوض وأحواض ، وشذ فيه أفعل ، كثوب وأثوب ، وهو حال. ويدخلون حال أو مفعول ثان إن كان (أَرَأَيْتَ) (١) بمعنى علمت المتعدية لاثنين. وقال الزمخشري : إما على الحال على أن أرأيت بمعنى أبصرت أو عرفت ، انتهى. ولا نعلم رأيت جاءت بمعنى عرفت ، فنحتاج في ذلك إلى استثبات.
(فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ) : أي ملتبسا بحمده على هذه النعم التي خولكها ، من نصرك على الأعداء وفتحك البلاد وإسلام الناس ؛ وأي نعمة أعظم من هذه ، إذ كل حسنة يعملها المسلمون فهي في ميزانه.
وعن عائشة : كان صلىاللهعليهوسلم يكثر قبل موته أن يقول : «سبحانك اللهم وبحمدك أستغفرك
__________________
(١) سورة الماعون : ١٠٧ / ١.