لدى الكرديزي والمروزي ، لابد أن يكون معتمدا على الجيهانى" (١). ولما كان الكريزي قد اعتمد في كتابته الفصول الأخيرة من كتابه على كتاب الجيهاني المسالك والممالك (٢) ويبدو أنه اعتمد كتابا آخر له في التاريخ حيث قال في مقدمة الفصل المخصص لعلوم الهنود : " هكذا يقول أبو عبد الله الجيهاني في كتاب التواريخ الذي ألفه .." (٣) وكان هناك تشابه بين نصوص حدود العالم وزين الأخبار للكرديزي ، احتمل أن يكون هناك مصدر مشترك أفاد منه المؤلفان ، يقول بار تولد بهذا الشأن : " إن التشابه بين حدود العالم والكرديزي ومصدر هما المشترك يبدو أكثر وضوحا في فصلي الصين والتغزغز .. وبطبيعة الحال لا يوجد تطابق تام بين حدود العالم والكرديزي" (٤). ويندفع كراتشكوفسكي خطوات إلى الأمام ليقول : " ليس ثمة شك في أن المؤرخ الفارسي الكرديزي قد اعتمد في القسم الجغرافي من كتابه على حدود العالم" (٥).
مع كل هذا تظل مسألة نقل معلومة ما دون ذكر مصدرها بالاسم بشكل صريح مفتوحة أمام شتى الاحتمالات ومحفوفة بمخاطر جمة. ونضرب مثلا لذلك ما ذكره العلّامة بار تولد بشأن النص الوارد في حدود العالم القائل : " إن من دخل التّبّت لم يزل ضاحكا مسرورا من غير سبب حتى يخرج منها" ، حيث قال : " واضح أن هذا النص قد استعير من
__________________
(١) Minorsky ,China ,p. ٩.
والمروزى المذكور هو شرف الزمان صاحب طبائع الحيوان الذي حقق منه مينورسكى الفصول المتعلقة بالصين والهند وبلاد الأتراك. أما الكرديزى فهو عبد الحى بن الضحاك بن محمود مؤلف زين الأخبار الذي كتبه حوالى ٤٤٢ ٤٤٣ ه. وفيه معلومات مهمة جدا عن الجيهانى ونصوص من كتابه المسالك والممالك.
(٢) زين الأخبار ، ٥٩٧ حيث ذكر اسم كتاب الجيهانى هذا بعد ختامه الفصل المتعلق بقبائل الأتراك. وقد وصف المسعودى كتاب الجيهانى فى المسالك والممالك هذا فقال إنه" فى صفة العالم وأخباره وما فيه من العجائب والمدن والأمصار والبحار والأنهار والأمم ومساكنهم وغير ذلك من الأخبار العجيبة والقصص الطريفة" (التنبيه والإشراف ، ٦٥).
(٣) زين الأخبار ، ٦٢١.
(٤) Hudud ,p. ٦٢.
(٥) تاريخ الأدب الجغرافى العربى ، ٢٤٣.