٢٩ ـ القول في بلاد فارس ومدنها
بلاد يحيط بها من شرقيها حدود كرمان ؛ ومن جنوبيها البحر الأعظم ، ومن غربيها نهر طاب الذي يمر بين فارس وخوزستان ، وشيء من أصفهان ؛ وشماليها مفازة فارس من كركس كوه.
وفيها مدن كثيرة ومزدحمة بالسكان. بلاد عامرة خصبة ذات نعم مختلفة ، يجتمع فيها التجار. فيها جبال وأنهار. وكانت مقر إقامة الأكاسرة. أهلها مفوّهون وعقلاء. في جبالها المعادن. يرتفع منها الثياب المختلفة من الكتان والصوف والقطن ، وماء الورد وماء البنفسج وماء الطلع ، والبسط والفرش والزلّيّات (١) والأكسية الثمينة.
وكل موضع منها ازداد قربا من البحر فهو جروم ؛ وما ازداد قربا من المفازة فهو صروم. وفي جبالها معادن الذهب.
وفيها بيوت نيران المجوس وهم يعظمون آثار القدماء ويزورونها.
وأغلب مدن فارس لها جبال قريبة منها.
١ ـ شيراز : قصبة فارس ، مدينة كبيرة نزهة ذات تجارات ، مزدحمة بالسكان ، وهي دار الملك. بنيت في الإسلام وبها قهندز قديم ومنيع يدعى قلعة شه موبذ ، وفيها بيتان للنار معظّمان. وبها نوع من الريحان يعرف بسوسن نرجس ورقه مثل ورق السوسن وداخله كالنرجس (٢).
٢ ـ إصطخر : مدينة كبيرة وقديمة ، وكان بها مقام الأكاسرة [٢٧ ب] ، وبها أبنية فيها نقوش وتصاوير قديمة. ولها نواح كثيرة ، وفيها أبنية عجيبة تدعى مسجد سليمان (٣). وبها تفاح تكون التفاحة الواحدة منه نصفها حامض ونصفها حلو. وفي جبلها معدن الحديد وفي أطرافه معدن الفضة.
__________________
(١) نوع من السجاجيد التى تفرش بها الحجرات والبيوت ، مفردها زلّية.
(٢) نص عبارة الإصطخرى (ص ١٥٢) وهي بعينها لدى البيرونى (الصيدنة ، ٣٥٤): " بناحية شيراز ريحان يعرف بسوسن نرجس ، ورقه مثل ورق السوسن وداخله مثل عين النرجس سواء".
(٣) قال الإصطخرى (ص ١٥٠): " يذكر الفرس أنه مسجد سليمان بن داود (ع) ".