٣٧ ـ القول في بلاد العرب ومدنها
بلاد يحيط بها من المشرق بحر عمان من البحر الأعظم ؛ ومن جنوبيها بحر الحبشة وهو من البحر الأعظم أيضا ؛ ومن غربيها بحر القلزم ، وشماليها بادية الكوفة والشام.
وهى بلاد عظيمة حارة. فيها جبال منفصلة عن بعضها ـ كما ذكرنا ذلك عند حديثنا عن الجبال ـ ويوجد فى جميع هذه البلاد نهر واحد وهو الذي يخرج من جبال تهامة ثم يمر على حدود خولان (١) وحضرموت ثم يصب فى البحر الأعظم. وهذا النهر ليس كبيرا.
وفى هذه البلاد نواح كثيرة أغلبها بواد هي مكان العرب الأصلي ، وحتى الذين ذهبوا إلى أماكن أخرى فإن أصلهم من هناك ، وأكثرهم يعيشون في البوادي ، إلا أولئك الذين يعيشون في هذه البلاد.
ويرتفع من هذه البلاد التمر بكافة أنواعه والأديم والرمل المكي وحجر المحك والنعال المشعرة والملمعة. وفيها حيوانات عجيبة مختلفة.
وبها نواح كاليمن والحجاز وتهامة واليمامة ونزوين (٢) ، ومواضع فيها خيام تقيم بها القبائل أمثال التميميين والمضريين والأسديين والحسانيين والكلبيين والفزاريين وما شابه ، وقد صورنا كل ذلك ليكون أكثر وضوحا (٣).
__________________
(١) فى الأصل جولان. والصواب ما أثبتناه فخولان مخلاف من مخاليف اليمن كما فى معجم البلدان (٢ / ٤٩٩) وغيره.
(٢) يحتمل مينورسكى أنها كتابة مغلوطة ا ـ " بحرين" (١٤٦.p). ونحتمل أن يكون صوابها هو : نزوة. ففى معجم البلدان (٤ / ٧٧٦): " نزوة : جبل بعمان وليس بالساحل ، عنده عدة قرى كبار يسمى مجموعها بهذا الاسم. فيها قوم من العرب كالمتعكفين عليها ، وهم خوارج إباضية". ويحتمل أن تكون" يبرين" ، خاصة وأنها جاءت بعد" اليمامة" مباشرة. ففى صفة جزيرة العرب (ص ٢٧٨): " يبرين فى شرقى اليمامة وهى على محجة عمان إلى مكة وساكنها من لخوم العرب أى بطون العرب".
(٣) هذا الدليل آخر على أن مؤلف الكتاب قد رسم خارطات فى كتابه وهى غير موجودة للأسف فى هذه المخطوطة الفريدة. أما قبيلة الحسانيين الواردة آنفا ففى طبعة مينورسكى كتبت هذه الكلمة :(Jassan) ووضع أمامها علامة استفهام. وفى طبعة ستوده : جسانياحن. والحقيقة هى أن الكلمة فى المخطوطة : (حسانيان) بالحاء. ويوجد أسفل ـ