٣٩ ـ القول في بلاد مصر ومدنها
بلاد شرقيها بعض حدود الشام وبعض من برية مصر ؛ وجنوبيها حدود النوبة ؛ وغربيها بعض حدود المغرب وبعض المفازة التي تدعى الواحات ؛ وشماليها بحر الروم.
وهي أغنى بلاد الإسلام ، وفيها مدن كثيرة جميعها عامرة ونزهة ذات خصب ونعم وفيرة متنوعة. ترتفع منها الثياب والمناديل والأردية المختلفة التي لا يوجد في جميع العالم ما هو أثمن منها ، كالصوف المصري والثياب والمناديل الدبيقية والخز ، وفيها [٣٥ ب] الحمير الجيدة الثمينة.
١ ـ الفسطاط : قصبة مصر ، أغنى مدينة في العالم ، في غاية العمارة ووفرة النعمة ، تقع إلى الشرق من نهر النيل. وبها تربة الشافعي رحمة الله عليه.
٢ ـ ذميره ، دنقرا : مدينتان إلى الشرق من نهر النيل ، عامرتان وفيرتا النعمة ؛ ترتفع منهما الثياب الكتان الثمينة.
٣ ـ الفرما : مدينة على ساحل بحيرة تنيس وسط رمال الجفار. وبها قبر جالينوس.
٤ ـ تنيس ودمياط : مدينتان وسط بحيرة تنيس على جزيرتين ، وليس بهما زروع ولا ثمار ؛ ترتفع منهما الثياب الصوف والكتان الغالية.
٥ ـ الإسكندرية : مدينة متصلة ببحر الروم من جهة وبحيرة تنيس من جهة ، وفيها منارة يقال إن ارتفاعها مئتا ذراع ، مرتكزة على صخرة وسط الماء ، وهي تتحرك كلما هبّ النسيم بحيث لا يمكن رؤية ذلك.
٦ ـ الهرمان : بناءان على جبل قرب الفسطاط ، ملاطها من مادة لا يؤثر فيها شيء. وطول كل واحد منهما أربعمائة ذراع في عرض أربعمائة وارتفاع أربعمائة. وفيهما بيوت ضيقة. وقد بناهما هرمس قبل الطوفان ، ذلك أنه علم بأن الطوفان سيحدث ، فبناهما لينجو من الماء. وقد كتب عليهما بالعربية : بنيناهما بقدرة ، فمن أراد أن يعلم كيف بنيناهما فليخربهما.
وقد حفر على هذين الهرمين كثير من العلوم من طب وفلك وهندسة وفلسفة.