٣. القول في البحار والخلجان (١)
١ ـ البحر الأخضر : هو الذي سميناه المحيط المشرقي (٢) ، وحدّه المعلوم يبتدئ من آخر العمارة في الجنوب فيمر بخط الاستواء وجزيرة الواق واق ومدن الواق واق وناحية الصين وأطراف مدن التغزغز والخرخيز ، ولا يعرف أي خليج في هذا البحر.
__________________
(١) عدد البحار لدى بطلميوس خمسة بحار (مروج الذهب ١ / ١٠٣) ، وهو المشهور لدى الجغرافيين الأوائل من المسلمين الذين التزموا بنظريته مثل الخوارزمى (صورة الأرض ، ٦٦ ـ ٨٣) وسهراب (عجائب الأقاليم السبعة إلى نهاية العمارة ، ٥١ ـ ٦٨) وابن خرداذبه الذي حدثت خروم فى المطبوع من كتابه (المسالك والممالك ، ٢٣٠ ـ ٢٣١) وقدامة الذي نقل عن ابن خرداذبه بكل تأكيد (الخراج ، ١٤٥ ـ ١٤٨) ، إلا أن ابن الفقيه قال إنها أربعة (البلدان ، ٦٣ ـ ٦٤) ؛ ويلخص المسعودى الآراء فى هذا المجال بقوله" فهذه جمل البحار ، وعند أكثر الناس أنها أربعة فى المعمور من الأرض ، ومنهم من يعدها خمسة ، ومنهم من يجعلها ستة ، ومنهم من يرى أنها سبعة منفصلة غير متصلة. وعلى أنها ستة : فأولها البحر الحبشى ، ثم الرومى ، ثم نيطش ، ثم مانطش ، ثم الخزرى ، ثم أوقيانوس الذي لا يعلم أكثر نهاياته ، وهو الأخضر المظلم المحيط". (مروج الذهب الذي كتب نسخته الثانية سنة ٣٤٥ ه ، ١ / ١٤١ ـ ١٤٢). إلا أنه عدها خمسة وفصّل القول فيها فى التنبيه والإشراف الذي كتبه فى آخر سنة من حياته (٣٤٦ ه) (٤٦ ـ ٦٠) ؛ كما أنها لدى ابن رستة خمسة أيضا (ص ٨٣). أما ما يذكره أورسيوس (ص ٧٣) استنادا إلى ما وجد فى دواوين يوليوس قيصر من أنها ٢٩ بحرا ، فيبدو أنه عدّها مع خلجانها التى سيرد الحديث عنها لدى مؤلفنا المجهول فى الفقرة ٣.
(٢) هو البحر المحيط ويدعى بحر الظلمات أو البحر المظلم ، ويسميه اليونانيون بحر الأوقيانوس ، والمقصود به المحيط الأطلسى أو الأطلنطى ، وكثيرا ما يلتبس أمره تبعا للبدء به : من الجنوب أو من الشمال. والمقصود بالمحيط المشرقى هنا هو آخر الجزء الجنوبى من الأطلسى المتصل بالمحيط الهندى عبر رأس الرجاء الصالح ، وهو يتصل ببحر الصين الجنوبى من خلال الالتفاف على سومطره (واسمها القديم : الزابج). ويرى مجيك أن البحر الأخضر هو المحيط الهندى والمحيط المتصل به (كراتشكوفسكى ص ١١٩). وننقل هنا ما ذكره المسعودى عنه فى التنبيه والإشراف (ص ٥٩) وهو مهم جدا لما سيلى من البحار : " فأما البحر المحيط الذي هو عند أكثر الناس معظم البحار وعنصرها ، وأنها منه تتشعب ، ويسميه كثير منهم الأخضر ، ويسمى باليونانية أوقيانس ، وأكثر نهاياته مجهولة عند بطلميوس وغيره ، فإنه يبتدئ من نهاية العمارة فى الشمال إلى أن يصير إلى المغرب ، وينتهى إلى نهاية العمارة فى الجنوب. وليس فى غريبه ولا شماليه نهاية محدودة. ويتصل ببحر الصين مما يلى الزابج وجزائر المهراج وشلاهط هرلج. وفى هذا البحر مما يلى مغربه الجزائر المسماة الخالدات لجزر الكنارى الحالية]. ومما يلى شماله الجزائر المسماة برطانية وهى اثنتا عشرة جزيرة. وعليه من بعض جهاته كثير من مدن الأندلس والإفرنجة". وغالبا ما يبدأ به الجغرافيون المتقدمون من أقصى الجنوب. فالخوارزمى يقول عنه : " البحر المظلم ، حده من بحر الصين" (صورة الأرض ، ٨٢). ويقول عنه سهراب : " البحر المظلم ، بحر مفرد وهو ـ